للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالشَّرْعِيُّ: مَا نَقَلَهُ الشَّرْعُ فَوَضَعَهُ إِزَاءَ مَعْنًى شَرْعِيٍّ، كَالصَّلَاةِ، وَالصِّيَامِ.

وَقِيلَ: لَا شَرْعِيَّةَ، بَلِ اللُّغَوِيَّةُ بَاقِيَةٌ، وَزِيدَتْ شُرُوطًا.

لَنَا: حِكْمَةُ الشَّرْعِ تَقْتَضِي تَخْصِيصَ بَعْضِ مُسَمَّيَاتِهِ بِأَسَامٍ مُسْتَقِلَّةٍ، وَذَلِكَ بِالنَّقْلِ أَسْهَلُ مِنْهُ بِالتَّبْقِيَةِ مَعَ الزِّيَادَةِ.

ــ

قَوْلُهُ: «وَالشَّرْعِيُّ: مَا نَقَلَهُ الشَّرْعُ، فَوَضَعَهُ إِزَاءَ مَعْنًى شَرْعِيٍّ، كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ، وَقِيلَ: لَا شَرْعِيَّةَ، بَلِ اللُّغَوِيَّةُ بَاقِيَةٌ وَزِيدَتْ شُرُوطًا» .

أَقُولُ: اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تُعْرَفُ بِمَسْأَلَةِ الْحَقِيقَةِ، أَوِ الْحَقَائِقِ الشَّرْعِيَّةِ.

وَتَلْخِيصُ مَحَلِّ النِّزَاعِ فِيهَا يَحْتَاجُ إِلَى كَشْفٍ، فَإِنَّ أَكْثَرَ الْفُقَهَاءِ يَتَسَلَّمُهُ تَقْلِيدًا، وَلَوْ سُئِلَ عَنْ تَحْقِيقِهِ لَمْ يُفْصِحْ بِهِ.

فَنَقُولُ: أَمَّا إِمْكَانُ وَضْعِ الشَّارِعِ أَلْفَاظًا مِنْ أَلْفَاظِ أَهْلِ اللُّغَةِ أَوْ غَيْرِهَا عَلَى الْمَعَانِي الشَّرْعِيَّةِ تُعْرَفُ بِهَا، فَلَا خِلَافَ فِيهِ - أَعْنِي الْإِمْكَانَ - إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَقْدِيرِ وُقُوعِهِ مُحَالٌ لِذَاتِهِ، وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ الَّتِي اسْتُفِيدَتْ مِنْهَا الْمَعَانِي الشَّرْعِيَّةُ: هَلْ خَرَجَ بِهَا الشَّارِعُ عَنْ وَضْعِ أَهْلِ اللُّغَةِ بِاسْتِعْمَالِهَا فِي غَيْرِ مَوْضُوعِهِمْ؟

مِثَالُهُ: أَنَّ الصَّلَاةَ فِي اللُّغَةِ: الدُّعَاءُ، وَالزَّكَاةَ: الطَّهَارَةُ أَوِ النَّمَاءُ، وَالْحَجَّ: الْقَصْدُ. وَفِي الشَّرْعِ: الصَّلَاةُ وَالْحَجُّ: أَفْعَالٌ مَخْصُوصَةٌ ذَاتُ شُرُوطٍ وَأَرْكَانٍ، وَالزَّكَاةُ: إِخْرَاجُ جُزْءٍ مُقَدَّرٍ مِنْ مِقْدَارٍ خَاصٍّ وَنَوْعٍ خَاصٍّ مِنَ الْمَالِ، إِلَى قَوْمٍ مَخْصُوصِينَ عَلَى وَجْهِ الْقِرْبَةِ. فَهَلْ خَرَجَ الشَّارِعُ بِاسْتِعْمَالِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فِي هَذِهِ الْمَعَانِي عَنْ وَضْعِ اللُّغَةِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ أَعْرَضَ فِيهَا عَنِ الْمَوْضُوعِ اللُّغَوِيِّ، فَلَمْ يُلَاحِظْهُ أَصْلًا، بَلْ خَطَفَ مَثَلًا لَفْظَ الصَّلَاةِ فَوَضَعَهُ عَلَى الْأَفْعَالِ الْمَعْرُوفَةِ شَرْعًا، وَأَعْرَضَ عَنِ الْمَوْضُوعِ اللُّغَوِيِّ الَّذِي هُوَ الدُّعَاءُ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِنَا: مَا نَقَلَهُ الشَّرْعُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>