للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يُسَمُّوا الْمُصَلِّيَ وَالصَّائِمَ وَالْمُزَكِّيَ أَسْمَاءً دِينِيَّةً، لِجَرَيَانِهَا عَلَى الْفَاعِلِ، وَالْإِيمَانَ وَالْفِسْقَ وَالْكُفْرَ أَسْمَاءً شَرْعِيَّةً، لِجَرَيَانِهَا عَلَى الْفِعْلِ.

وَالصَّوَابُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهَا عَمَلِيٌّ، وَهِيَ الشَّرْعِيَّةُ، أَوِ اعْتِقَادِيٌّ، وَهِيَ الدِّينِيَّةُ. وَهَذِهِ الْقِسْمَةُ، وَإِنْ لَمْ تَخْلُ عَمَّا يُقَالُ فِيهَا، أَوْلَى وَأَطْرَدُ مِنَ الْأُولَى.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ نَفْيُ الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ، هُوَ قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرِ بْنِ الطَّيِّبِ.

قَوْلُهُ: «لَنَا: حِكْمَةُ الشَّرْعِ تَقْتَضِي» ، إِلَى آخِرِهِ، هَذَا حِينَ الشُّرُوعِ فِي الِاسْتِدْلَالِ، وَالِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ.

وَتَقْرِيرُ هَذَا الدَّلِيلِ عَلَى إِثْبَاتِ الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ، أَنَّ حِكْمَةَ الشَّرْعِ تَقْتَضِي تَخْصِيصَ مُسَمَّيَاتِهِ بِأَسَامٍ مُسْتَقِلَّةٍ، «وَذَلِكَ» ، أَيْ: وَتَخْصِيصُ مُسَمَّيَاتِهِ بِأَسَامٍ مُسْتَقِلَّةٍ يَحْصُلُ بِالنَّقْلِ، أَيْ: بِنَقْلِ الْأَلْفَاظِ اللُّغَوِيَّةِ مَعَ الْإِعْرَاضِ عَنْ مَوْضُوعَاتِهَا لُغَةً إِلَى الشَّرْعِ أَسْهَلَ مِنْ حُصُولِهِ بِتَبْقِيَةِ الْمَوْضُوعَاتِ اللُّغَوِيَّةِ، مَعَ زِيَادَةِ الشُّرُوطِ الشَّرْعِيَّةِ.

أَمَّا أَنَّ حِكْمَةَ الشَّرْعِ تَقْتَضِي تَخْصِيصَ مُسَمَّيَاتِهِ بِأَسَامٍ مُسْتَقِلَّةٍ فَذَلِكَ لِوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ ذَلِكَ أَشْرَفُ لَهُ، وَأَنْبَلُ لِقَدْرِهِ، مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ بِذَلِكَ يَكُونُ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ فِي أَلْفَاظِهِ وَمَعَانِيهِ، وَبِتَقْدِيرِ عَدَمِ ذَلِكَ يَكُونُ تَبَعًا لِلُّغَةِ فِي أَلْفَاظِهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الِاسْتِقْلَالَ أَشْرَفُ مِنَ التَّبَعِيَّةِ، وَلِهَذَا قَالَ الشَّاعِرُ الْحَكِيمُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>