. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لَيْتَ هِنْدًا أَنْجَزَتْنَا مَا تَعِدْ ... وَشَفَتْ أَنْفُسَنَا مِمَّا نَجِدْ
وَاسْتَبَدَّتْ مَرَّةً وَاحِدَةً ... إِنَّمَا الْعَاجِزُ مَنْ لَا يَسْتَبِدْ
وَالِاسْتِبْدَادُ: الِاسْتِقْلَالُ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ تَخْصِيصَ مُسَمَّيَاتِهِ بِأَسَامٍ مُسْتَقِلَّةٍ هُوَ أَبْيَنُ لِلْمُكَلَّفِينَ، وَأَجْدَرُ بِزَوَالِ الِاشْتِبَاهِ عَنْهُمْ، لِأَنَّ بِتَقْدِيرِ ذَلِكَ يَكُونُ لَفْظُ الصَّلَاةِ مَثَلًا مُشْتَرَكًا بَيْنَ الدُّعَاءِ لُغَةً، وَالصَّلَاةِ شَرْعًا، وَصُدُورُ اللَّفْظِ عَنِ الشَّارِعِ قَرِينَةٌ فِي إِرَادَةِ الْمُسَمَّى الشَّرْعِيِّ، وَالْمُشْتَرَكُ إِذَا انْضَمَّتْ إِلَيْهِ الْقَرِينَةُ صَارَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَهُوَ أَبْيَنُ مِنَ الْمُتَوَاطِئِ، بِتَقْدِيرِ عَدَمِ تَخْصِيصِ الشَّرْعِ مُسَمَّيَاتِهِ بِأَسَامٍ مُسْتَقِلَّةٍ.
وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّ الْمُشْتَرَكَ مَعَ الْقَرِينَةِ أَبْيَنُ مِنَ الْمُتَوَاطِئِ، لِأَنَّ الْقَرِينَةَ تُعَيِّنُ أَحَدَ مَحْمَلَيِ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ فَيَتَبَادَرُ الْفَهْمُ إِلَيْهِ قَاطِعًا بِأَنَّهُ الْمُرَادُ، وَالْمُتَوَاطِئُ يُبْقِي الذِّهْنَ - لِأَجْلِ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ أَفْرَادِهِ - مُتَرَدِّدًا، لَا يَدْرِي عَلَى مَا يَحْمِلُ لَفْظَهُ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ حَمْلُهُ عَلَى جَمِيعِهَا، أَوْ عَلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهَا مُمْكِنًا، غَيْرَ أَنَّ حَمْلَ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى غَيْرِ أَحَدِ مَحْمَلَيْهِ أَدْخَلُ فِي الِاخْتِصَاصِ، وَالْبَيَانُ أَوْلَى، فَكَانَ أَوْلَى.
مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ قَالَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ: خُذْ عَيْنًا، وَاذْهَبْ فَاشْتَرِ لَنَا خُبْزًا، أَوْ أَحْضِرْ لَنَا عَيْنًا نَشْرَبُ مِنْهَا مَاءً، عَلِمْنَا أَنَّهُ أَرَادَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى عَيْنَ الذَّهَبِ، بِقَرِينَةِ الشِّرَاءِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute