للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَالْأَوْلَى فِي ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ، مَا لَمْ يُوجَدْ دَلِيلٌ يَصْرِفُهُ إِلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، كَمَا يُرْوَى فِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ: «وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيَدْعُ لَهُمْ» وَفِي الْحَدِيثِ الثَّانِي: حَدِيثِ عِكْرَاشِ بْنِ ذُؤَيْبٍ أَنَّهُ أَكَلَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَرِيدًا، ثُمَّ بَعْدَهُ رُطَبًا، قَالَ: ثُمَّ أَتَيْنَا بِمَاءٍ، فَغَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ، وَمَسَحَ بِبَلَلِ يَدَيْهِ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَرَأْسَهُ، وَقَالَ: يَا عِكْرَاشُ! هَذَا الْوُضُوءُ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ، قَالَ: هُوَ غَرِيبٌ.

أَمَّا الْوُضُوءُ مِنْ لَحْمِ الْجَزُورِ، فَلَمْ يَرِدْ مَا يَصْرِفُهُ عَنْ مَعْنَاهُ الشَّرْعِيِّ، فَلَا جَرَمَ جَزَمَ الْمُحَقِّقُونَ مِنَ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، ثُمَّ يُوجِبُهُ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: «وَاللَّفْظُ لِحَقِيقَتِهِ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلُ الْمَجَازِ» ، إِلَى آخِرِهِ. هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي يُتَرْجِمُهَا بَعْضُ الْأُصُولِيِّينَ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِطْلَاقِ الْحَقِيقَةُ.

وَمَعْنَاهُ: أَنَّ اللَّفْظَ مَتَى وَرَدَ وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ فِي بَابِهِ، لُغَةً أَوْ شَرْعًا أَوْ عُرْفًا، وَلَا يُحْمَلُ عَلَى الْمَجَازِ إِلَّا بِدَلِيلٍ يَمْنَعُ حَمْلَهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ، مِنْ مُعَارِضٍ قَاطِعٍ، أَوْ عُرْفٍ مَشْهُورٍ، كَمَنْ قَالَ: رَأَيْتُ رَاوِيَةً، فَإِنَّ إِرَادَةَ الْمَزَادَةِ مِنْهُ ظَاهِرٌ بِالْعُرْفِ الْمَشْهُورِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّ اللَّفْظَ لِحَقِيقَتِهِ، لِأَنَّا لَوْ لَمْ نَقُلْ ذَلِكَ لَكُنَّا إِمَّا أَنْ نُعَيِّنَ حَمْلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>