للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عَلَى مَجَازِهِ، أَوْ نَجْعَلَهُ مُجْمَلًا، لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ احْتِمَالِ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ، وَالْأَوَّلُ: بَاطِلٌ بِاتِّفَاقٍ، لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ، وَالثَّانِي: يُوجِبُ اخْتِلَالَ مَقْصُودِ الْوَضْعِ - وَهُوَ التَّفَاهُمُ - وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحِكْمَةَ فِي وَضْعِ الْأَلْفَاظِ إِنَّمَا هُوَ مَعَانِيهَا، وَدَلَالَتُهَا عَلَيْهَا، فَلَوْ جُعِلَتْ مُتَرَدِّدَةً بَيْنَ حَقَائِقِهَا وَمَجَازَاتِهَا لَكَانَتْ مُجْمَلَةً، وَالْمُجْمَلُ شَأْنُهُ أَنْ يَبْقَى مُعَطَّلًا، مَوْقُوفًا عَلَى مَا يُبَيِّنُهُ، وَلَوْ عُطِّلَتْ جَمِيعُ الْأَلْفَاظِ، وَوَقَفَتْ عَلَى مَا يُبَيِّنُهَا وَيُعِينُ الْمُرَادَ مِنْهَا، لَاخْتَلَّ مَقْصُودُ الْإِفْهَامِ مِنْهَا، وَهُوَ عَكْسُ مَقْصُودِ حِكْمَةِ الْوَضْعِ. وَأَيْضًا: لَوْ لَمْ يَكُنِ الْأَصْلُ فِي الْإِطْلَاقِ الْحَقِيقَةَ، لَمَا فَهِمَ أَحَدٌ الْمُرَادَ بِلَفْظٍ عِنْدَ إِطْلَاقِهِ، حَتَّى يَنْظُرَ فِي الدَّلِيلِ الْخَارِجِ الْمُبَيِّنِ، لَكِنَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ قَطْعًا، فَإِنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ وَالشَّرْعِ تَتَبَادَرُ أَفْهَامُهُمْ عِنْدَ إِطْلَاقِ غَالِبِ الْأَلْفَاظِ إِلَى مَعَانِيهَا، وَلَيْسَتْ تِلْكَ الْمَعَانِي مَجَازًا بِاتِّفَاقٍ، فَتَعَيَّنَ أَنَّهَا حَقِيقَةٌ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>