للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَجَازُ، اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ مَوْضُوعٍ أَوَّلَ عَلَى وَجْهٍ يَصِحُّ، وَشَرْطُهُ الْعِلَاقَةُ، وَهِيَ مَا يَنْتَقِلُ الذِّهْنُ بِوَاسِطَتِهِ عَنْ مَحَلِّ الْمَجَازِ إِلَى الْحَقِيقَةِ، وَيُعْتَبَرُ ظُهُورُهَا، كَالْأَسَدِ عَلَى الشُّجَاعِ، بِجَامِعِ الشُّجَاعَةِ، لَا عَلَى الْأَبْخَرِ، لِخَفَائِهَا.

وَيُتَجَوَّزُ بِالسَّبَبِ عَنِ الْمُسَبَّبِ، وَالْعِلَّةِ عَنِ الْمَعْلُولِ، وَاللَّازِمِ عَنِ الْمَلْزُومِ، وَالْأَثَرِ عَنِ الْمُؤْثَرِ، وَالْمَحَلِّ عَنِ الْحَالِ، وَبِالْعَكْسِ فِيهِنَّ، وَبِاعْتِبَارِ وَصْفٍ زَائِلٍ، كَالْعَبْدِ عَلَى الْعَتِيقِ، أَوْ آيِلٍ، كَالْخَمْرِ عَلَى الْعَصِيرِ، وَبِمَا بِالْقُوَّةِ عَلَى مَا بِالْفِعْلِ، وَعَكْسُهُ، وَبِالزِّيَادَةِ، نَحْوَ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} ، وَبِالنَّقْصِ، نَحْوَ: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} أَيْ: حُبَّهُ

ــ

الْمَجَازُ

قَوْلُهُ: «وَالْمَجَازُ» : هُوَ «اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ مَوْضُوعٍ أَوَّلَ عَلَى وَجْهٍ يَصِحُّ» ، قَدْ بَيَّنَّا اشْتِقَاقَ الْمَجَازِ عِنْدَ ذِكْرِ الْحَقِيقَةِ.

وَقَوْلُنَا: اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ: هُوَ جِنْسُ الْحَدِّ، يَتَنَاوَلُ الْحَقِيقَةَ وَالْمَجَازَ، إِذْ كِلَاهُمَا لَفْظٌ مُسْتَعْمَلٌ.

وَقَوْلُنَا: فِي غَيْرِ مَوْضُوعٍ أَوَّلَ: فَصْلٌ لِلْمَجَازِ مِنَ الْحَقِيقَةِ، كَمَا سَبَقَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ كَاسْتِعْمَالِ لَفْظِ الْأَسَدِ فِي الرَّجُلِ الشُّجَاعِ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مَوْضُوعٍ لِلْأَسَدِ الْأَوَّلِ، إِذْ مَوْضُوعُهُ الْأَوَّلُ هُوَ السَّبُعُ.

وَقَوْلُنَا: عَلَى وَجْهٍ يَصِحُّ نُرِيدُ بِهِ وُجُودَ شُرُوطِ الْمَجَازِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَ احْتِرَازٍ مِنَ اسْتِعْمَالِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَصِحُّ، وَهُوَ مَا إِذَا انْتَفَتْ شُرُوطُهُ أَوْ بَعْضُهَا، بِأَنْ كَانَ لَا لِعِلَاقَةٍ، أَوْ لِعِلَاقَةٍ خَفِيَّةٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: «وَشَرْطُهُ» ، أَيْ: وَشَرْطُ الْمَجَازِ، أَوْ صِحَّةُ التَّجَوُّزِ، «الْعِلَاقَةُ» ، وَقَدْ أَشَرْنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>