للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عِلْمًا، وَالْمَقْدُورِ قُدْرَةً فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ} [الْبَقَرَةِ: ٢٥٥] ، أَيْ: مَعْلُومِهِ، وَقَوْلِهِمْ: رَأَيْنَا قُدْرَةَ اللَّهِ، أَيْ: مَقْدُورَهُ. وَقَدْ يُتَجَوَّزُ بِلَفْظِ الْمَعْلُومِ عَنِ الْعِلْمِ، وَالْمَقْدُورِ عَنِ الْقُدْرَةِ، عَكْسَ الْأَوَّلِ، كَمَا لَوْ حَلَفَ حَالِفٌ بِمَعْلُومِ اللَّهِ وَمَقْدُورِهِ، وَأَرَادَ الْعِلْمَ وَالْقُدْرَةَ، جَازَ وَانْعَقَدَتْ يَمِينُهُ.

وَوُجُوهُ الْمَجَازِ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا، وَهِيَ نَاشِئَةٌ عَنْ تَعَدُّدِ أَصْنَافِ الْعِلَاقَةِ الرَّابِطَةِ بَيْنَ مَحَلِّ الْمَجَازِ وَالْحَقِيقَةِ، فَكُلُّ مُسَمَّيَيْنِ بَيْنَهُمَا عِلَاقَةُ رَابِطَةٍ جَازَ التَّجَوُّزُ بِاسْمِ أَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ، سَوَاءٌ نُقِلَ ذَلِكَ التَّجَوُّزُ الْخَاصُّ عَنِ الْعَرَبِ، أَوْ لَمْ يُنْقَلْ عَلَى خِلَافٍ سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

نَعَمْ، يَتَفَاوَتُ الْمَجَازُ قُوَّةً وَضَعْفًا بِحَسَبِ تَفَاوُتِ رَبْطِ الْعِلَاقَةِ بَيْنَ مَحَلِّ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَفِي ذَلِكَ. فَائِدَتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: أَنَّ الْمَجَازَ بِالْمُجَاوَرَةِ قَدْ يَكُونُ بِدَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ، كَمَا ذُكِرَ فِي الرَّاوِيَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْجَمَلِ، وَالْغَائِطِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُطْمَئِنِّ مِنَ الْأَرْضِ. وَقَدْ يَكُونُ بِأَكْثَرَ مِنْ دَرَجَةٍ، كَتَسْمِيَتِهِمُ الْغَيْثَ سَمَاءً فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:

إِذَا نَزَلَ السَّمَاءُ بِأَرْضِ قَوْمٍ ... رَعَيْنَاهُ وَإِنْ كَانُوا غِضَابَا

<<  <  ج: ص:  >  >>