للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أَيْ: إِذَا نَزَلَ الْغَيْثُ، وَفِيهِ مَجَازَانِ:

أَحَدُهُمَا: إِفْرَادِيٌّ بِأَكْثَرَ مِنْ دَرَجَةٍ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ سَمَّى الْغَيْثَ سَمَاءً، لِحُصُولِهِ عَنِ الْمَاءِ النَّازِلِ مِنَ السَّحَابِ الْمُجَاوِرِ لِلسَّمَاءِ.

وَالثَّانِي: إِسْنَادِيٌّ، وَهُوَ وَصْفُهُ الْعُشْبَ بِالنُّزُولِ، لِحُصُولِهِ عَنِ الْمَاءِ الْمُتَّصِفِ بِالنُّزُولِ مِنَ الْغَمَامِ.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: الْمَجَازُ السَّبَبِيُّ يَكُونُ أَيْضًا بِمَرَاتِبَ، كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ} [الْأَعْرَافِ: ٢٦] وَنَفْسُ اللِّبَاسِ لَمْ يَنْزِلْ مِنَ السَّمَاءِ، وَإِنَّمَا نَزَلَ الْمَاءُ الَّذِي يَكُونُ عَنْهُ اللِّبَاسُ بِوَسَائِطَ، مِثَالُهُ: ثِيَابُ الْكَتَّانِ حَاصِلَةٌ عَنِ الْكَتَّانِ، الْحَاصِلُ عَنْ بِذْرَةِ النَّابِتِ فِي الْأَرْضِ، بِالْمَاءِ النَّازِلِ مِنَ السَّمَاءِ، وَثِيَابُ الْحَرِيرِ حَاصِلَةٌ عَنِ الْحَرِيرِ الْحَاصِلِ عَنِ الْقَزِّ، الْحَاصِلِ عَنْ بَزْرِهِ الْمُرَبَّى، بِسَبَبِ الْمَاءِ النَّازِلِ، وَكَذَلِكَ دُودُ الْقَزِّ إِنَّمَا يَتَغَذَّى بِوَرَقِ التُّوتِ، النَّاشِئِ عَنْ شَجَرِ التُّوتِ النَّابِتِ فِي الْأَرْضِ بِالْمَاءِ النَّازِلِ مِنَ السَّمَاءِ، وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُ الرَّاجِزِ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمَلِكِ الدَّيَّانِ ... صَارَ الثَّرِيدُ فِي رُءُوسِ الْعِيدَانِ

يُرِيدُ بِالثَّرِيدِ السُّنْبُلَ الَّذِي فِي رُءُوسِ الْحِمْلِ، وَهُوَ مَادَّةُ التِّبْنِ، لِأَنَّ السُّنْبُلَ يُحْصَدُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>