. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْأَصْلَ يَسْتَغْنِي عَنِ الْفَرْعِ، إِذِ الْفَرْعُ زِيَادَةٌ عَلَى الْأَصْلِ، وَالشَّيْءُ الْكَامِلُ الْمَاهِيَّةِ يَسْتَغْنِي عَنِ الزِّيَادَةِ الْخَارِجَةِ عَنْ مَاهِيَّتِهِ، وَالْفَرْعُ لَا يَسْتَغْنِي عَنِ الْأَصْلِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ مَادَّةٌ لِلْفَرْعِ، وَمَنْشَأٌ، وَمَبْدَأٌ، وَوُجُودُ شَيْءٍ مُحْدَثٍ بِدُونِ مَنْشَأٍ وَمَبْدَأٍ وَمَادَّةٍ مُحَالٌ.
وَاعْتُبِرَ هَذَا بِالْوَلَدِ وَالْوَالِدِ، فَإِنَّ الْوَالِدَ بِالْقُوَّةِ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَتِهِ الْوَلَدُ، وَالْوَلَدُ مِنْ ضَرُورَتِهِ الْوَالِدُ، فَثَبَتَ أَنَّ الْحَقِيقَةَ لَا تَسْتَلْزِمُ الْمَجَازَ، وَالْمَجَازَ يَسْتَلْزِمُ الْحَقِيقَةَ، وَهَذَا أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ فِيهِ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: «الْأَظْهَرُ الْإِثْبَاتُ» . أَيْ: إِثْبَاتُ أَنَّ الْمَجَازَ يَسْتَلْزِمُ الْحَقِيقَةَ.
أَمَّا الْخِلَافُ فِي هَذَا، فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ إِمْكَانِ انْفِكَاكِ الْوَضْعِ عَنِ الِاسْتِعْمَالِ، وَأَنَّ اللَّفْظَ بَيْنَ وَضْعِهِ وَاسْتِعْمَالِهِ لَا حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا.
وَبَيَانُهُ أَنَّا إِذَا فَرَضْنَا ذَلِكَ، أَمْكَنَ وُجُودُ مَجَازٍ لَا حَقِيقَةَ لَهُ، بِأَنْ يَقُولَ الْوَاضِعُ مَثَلًا: قَدْ وَضَعْتُ لَفْظَ الْأَسَدِ لِلسَّبُعِ الْخَاصِّ الْمُفْتَرِسِ، وَلَكُمْ قَبْلَ أَنْ تَسْتَعْمِلُوهُ فِيهِ أَنْ تُطْلِقُوهُ عَلَى الرَّجُلِ الشُّجَاعِ اسْتِعَارَةً، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ، كَانَ اسْتِعْمَالُ لَفْظِ الْأَسَدِ فِي الرَّجُلِ الشُّجَاعِ مَجَازًا لَا حَقِيقَةً، لِأَنَّ شَرْطَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ الِاسْتِعْمَالُ كَمَا سَبَقَ، وَالِاسْتِعْمَالُ هَاهُنَا إِنَّمَا وُجِدَ فِي الْمَجَازِ دُونَ الْحَقِيقَةِ، فَهَذَا تَوْجِيهُ هَذَا الْقَوْلِ عَلَى غَايَةِ مَا أَمْكَنَ مِنَ الْبَيَانِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَبَيَانُهُ أَنَّهُ قَدْ بَيَّنَّا وَاتَّفَقْنَا عَلَى أَنَّ شَرْطَ الْمَجَازِ الْعِلَاقَةُ، وَهِيَ الصِّفَةُ الظَّاهِرَةُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ مَحَلِّ الْمَجَازِ وَمَا تُجُوِّزَ بِهِ عَنْهُ، لِتَكُونَ رَابِطَةً بَيْنَهُمَا، مُصَحِّحَةً لِلتَّجَوُّزِ.
وَحِينَئِذٍ نَقُولُ فِي الصُّوَرِ الْمَفْرُوضَةِ: اسْتِعْمَالُ لَفْظِ الْأَسَدِ فِي مَوْضُوعِهِ الْحَقِيقِيِّ، وَهُوَ السَّبُعُ الْخَاصُّ، إِنِ انْتَفَى فِي التَّحْقِيقِ، فَهُوَ ثَابِتٌ فِي التَّقْدِيرِ، وَلَا بُدَّ، لِيَصِحَّ كَوْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute