للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

النَّاسُ، فَلْيُطْلِقِ الْمُتَكَلِّمُ مِنْكُمْ هَذِهِ اللَّفْظَةَ بِإِزَاءِ هَذَا السَّبُعِ، وَلْيَفْهَمِ السَّامِعُ ذَلِكَ مِنْ إِطْلَاقِهَا، فَيَكُونُ هَذَا مِنَ الْوَاضِعِ وَضْعًا مُجَرَّدًا عَنِ الِاسْتِعْمَالِ، لَكِنَّهُ عَرَّفَهُمْ كَيْفِيَّةَ الِاسْتِعْمَالِ. وَأَمَّا بَعْدَ وُقُوعِ هَذَا، فَهُوَ غَنِيٌّ عَنِ التَّوْجِيهِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ وَلَمْ يُشَاهَدْ، إِذْ أَحَدٌ مِنْ بَنِي آدَمَ لَمْ يَعْقِلْ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا، إِلَّا وَهُمَا يَتَكَلَّمَانِ بِلُغَتِهِمَا، وَلَمْ تَعْرِفِ الْعَرَبُ هَذِهِ اللُّغَةَ الْعَرَبِيَّةَ الْمَوْضُوعَةَ عَلَى غَايَةِ الْحِكْمَةِ إِلَّا عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ تَفْصِيلًا أَوْ إِجْمَالًا، وَإِذَا انْتَفَى النَّقْلُ وَالْعِيَانُ، لَمْ يَبْقَ إِلَّا تَصَوُّرُ الْإِمْكَانِ، وَإِنَّمَا هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ فَرْضِ ذَلِكَ مُحَالٌ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ الْوُقُوعُ، إِذْ لَيْسَ كُلُّ مُمْكِنٍ وَاقِعًا.

وَيَنْبَغِي التَّنْبِيهُ لِهَذَا الْبَحْثِ، فَإِنَّهُ يَقَعُ فِي كُتُبِ الْأُصُولِيِّينَ مُجْمَلًا غَيْرَ مُفَصَّلٍ هَذَا التَّفْصِيلِ، وَلَكِنِّي لَمَّا اسْتَشْكَلْتُهُ فِي كُتُبِهِمْ، كَشَفْتُ أَمْرَهُ هَاهُنَا، إِزَالَةً لِلْإِشْكَالِ عَنِ النَّاظِرِ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: «وَالْحَقِيقَةُ لَا تَسْتَلْزِمُ الْمَجَازَ، وَفِي الْعَكْسِ خِلَافٌ. الْأَظْهَرُ: الْإِثْبَاتُ» . مَعْنَاهُ أَنَّ الْحَقِيقَةَ لَا يَجِبُ عَقْلًا أَنْ يَكُونَ لَهَا مَجَازٌ، وَأَمَّا الْمَجَازُ فَهَلْ يَجِبُ عَقْلًا أَنْ يَكُونَ لَهُ حَقِيقَةً أَمْ لَا؟ فِيهِ خِلَافٌ، وَهَذَا هُوَ الْعَكْسُ الْمُشَارُ إِلَيْهِ.

وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ: أَنَّ الْمَجَازَ فَرْعُ الْحَقِيقَةِ، وَلِذَلِكَ أَوْجَبْنَا الْعِلَاقَةَ فِيهِ لِتَكُونَ رَابِطَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْلِهِ الَّذِي هُوَ الْحَقِيقَةُ.

وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْحَقِيقَةَ أَصْلٌ لِلْمَجَازِ، وَهُوَ فَرْعٌ لَهَا، فَبِالضَّرُورَةِ نَعْلَمُ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>