وَاللَّفْظُ قَبْلَ اسْتِعْمَالِهِ لَيْسَ حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا، لِعَدَمِ رُكْنِ تَعْرِيفِهِمَا، وَهُوَ الِاسْتِعْمَالُ، وَالْحَقِيقَةُ لَا تَسْتَلْزِمُ الْمَجَازَ، وَفِي الْعَكْسِ خِلَافٌ، الْأَظْهَرُ الْإِثْبَاتُ.
ــ
قَوْلُهُ: «وَاللَّفْظُ قَبْلَ اسْتِعْمَالِهِ لَيْسَ حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا، لِعَدَمِ رُكْنِ تَعْرِيفِهِمَا، وَهُوَ الِاسْتِعْمَالُ» .
مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ: أَنَّا لَمَّا قُلْنَا فِيمَا سَبَقَ فِي حَدِّ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ: إِنَّهُ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي مَوْضُوعٍ أَوَّلَ، أَوْ فِي غَيْرِ مَوْضُوعٍ أَوَّلَ، ثَبَتَ أَنَّ اسْتِعْمَالَ اللَّفْظِ رُكْنٌ فِي تَعْرِيفِ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ، لِأَنَّ الِاسْتِعْمَالَ جُزْءٌ مِنْهُ وَرُكْنُ الشَّيْءِ جُزْؤُهُ الدَّاخِلُ فِي حَقِيقَتِهِ، فَإِذَا نَظَرْنَا إِلَى اللَّفْظِ قَبْلَ اسْتِعْمَالِهِ فِي لُغَةِ الْوَاضِعِ، لَمْ يَكُنْ حَقِيقَةً، لِأَنَّهُ لَيْسَ مُسْتَعْمَلًا فِيمَا وُضِعَ لَهُ، وَلَا مَجَازًا، لِأَنَّهُ لَيْسَ مُسْتَعْمَلًا فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ، وَهَذَا الْكَلَامُ فِيمَا بَعْدَ وَضْعِ اللَّفْظِ وَقَبْلَ اسْتِعْمَالِهِ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْوَضْعَ يُمْكِنُ انْفِكَاكُهُ عَنِ الِاسْتِعْمَالِ، وَهُوَ مُمْكِنٌ لَا شَكَّ فِيهِ، غَيْرَ أَنَّهُ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ.
أَمَّا إِمْكَانُهُ، فَلِأَنَّا قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْوَضْعَ اللَّفْظِيَّ عِبَارَةٌ عَنْ إِنْشَاءِ لَفْظٍ، وَتَخْصِيصِهِ بِمَعْنًى، بِحَيْثُ إِذَا أُطْلِقَ ذَلِكَ اللَّفْظُ، فُهِمَ مِنْهُ ذَلِكَ الْمَعْنَى.
وَالِاسْتِعْمَالُ اللَّفْظِيُّ: هُوَ إِطْلَاقُ اللَّفْظِ بِإِزَاءِ مَدْلُولِهِ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا، وَهُمَا - أَعْنِي الْوَضْعَ وَالِاسْتِعْمَالَ - مُتَغَايِرَانِ بِالْحَدِّ وَالْحَقِيقَةِ، غَيْرَ أَنَّ الِاسْتِعْمَالَ يَسْتَلْزِمُ الْوَضْعَ، وَالْوَضْعَ لَا يَسْتَلْزِمُ الِاسْتِعْمَالَ، لِمَا سَنُبَيِّنُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَحِينَئِذٍ نَقُولُ: مِنَ الْجَائِزِ أَنَّ بَعْضَ وَاضِعِي اللُّغَةِ يَقُولُ: قَدْ أَنْشَأْتُ لَفْظَةَ «الْأَسَدِ» ، وَخَصَّصْتُهَا بِهَذَا السَّبُعِ الْخَاصِّ، لِتَدُلَّ عَلَيْهِ إِذَا أُطْلِقَتْ، فَإِذَا تَخَاطَبْتُمْ أَيُّهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute