للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

هَاهُنَا.

فَإِنْ قُلْتَ: قَدْ ذَكَرْتُمْ حَدَّ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ، وَالْحَدُّ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ جَامِعًا مَانِعًا، وَالْحَدُّ يُرَادُ لِلتَّعْرِيفِ، وَمَعَ جَمْعِهِ وَمَنْعِهِ يُفِيدُ تَعْرِيفَ جُزْئِيَّاتِ الْمَحْدُودِ، فَإِنْ كَانَ الْحَدُّ الَّذِي ذَكَّرْتُمُوهُ لِلْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ يَفِي بِتَعْرِيفِ جُزْئِيَّاتِهَا، فَمَا الْحَاجَةُ إِلَى هَذِهِ الْعَلَامَاتِ الْفَارِقَةِ بَيْنَهُمَا؟ وَإِنْ لَمْ يَفِ بِذَلِكَ، فَلَيْسَ بِحَدٍّ صَحِيحٍ؟

وَالْجَوَابُ أَنَّ تَعْرِيفَ الْحُدُودِ إِجْمَالِيٌّ وَكُلِّيٌّ، وَتَعْرِيفَ الْعَلَامَاتِ وَالْخَوَاصِّ تَفْصِيلِيٌّ جُزْئِيٌّ، فَفَائِدَةُ ذِكْرِ عَلَامَاتِ الشَّيْءِ بَعْدَ ذِكْرِ حَدِّهِ كَفَائِدَةِ ذِكْرِ تَفْصِيلِهِ بَعْدَ إِجْمَالِهِ، وَجُزْئِيَّاتِهِ بَعْدَ كُلِّيَّاتِهِ.

وَمِثَالُ ذَلِكَ: أَنَّ قَوْلَنَا فِي حَدِّ الْإِنْسَانِ: حَيَوَانٌ نَاطِقٌ، يُفِيدُنَا مَعْرِفَةَ حَقِيقَتِهِ عَلَى جِهَةٍ قَانُونِيَّةٍ كُلِّيَّةٍ، فَإِذَا قُلْنَا بَعْدَ ذَلِكَ: مِنْ عَلَامَةِ الْإِنْسَانِ وَخَوَاصِّهِ أَنَّهُ مُنْتَصِبُ الْقَامَةِ، ضَحَّاكٌ، قَابِلٌ لِتَعْلِيمِ الْعُلُومِ وَنَحْوِهِ، أَفَادَنَا ذَلِكَ مِنَ الْبَيَانِ وَالْإِيضَاحِ مَا لَمْ يُفِدْهُ قَوْلُنَا: إِنَّهُ حَيَوَانٌ نَاطِقٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>