. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الشُّجَاعِ، فَإِنَّ الْأَسَدَ لَفْظٌ مُفْرَدٌ، دَلَّ عَلَى مُسَمًّى مُفْرَدٍ، وَالشُّجَاعُ كَذَلِكَ، فَهَذَا يُسَمَّى مَجَازًا إِفْرَادِيًّا، وَمَجَازًا فِي الْمُفْرَدَاتِ.
وَالْمَجَازُ التَّرْكِيبِيُّ، أَيِ: الْوَاقِعُ فِي الْأَلْفَاظِ الْمُرَكَّبَةِ، نَحْوَ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
أَشَابَ الصَّغِيرَ وَأَفْنَى الْكَبِيرَ ... كَرُّ الْغَدَاةِ وَمَرُّ الْعَشِيِّ
وَإِلَى هَذَا أَشَرْتُ بِقَوْلِي: «نَحْوَ أَشَابَنِي الزَّمَانُ» وَكَقَوْلِ هَذَا الشَّاعِرِ بِعَيْنِهِ:
تَمُوتُ مَعَ الْمَرْءِ حَاجَاتُهُ ... وَتَبْقَى لَهُ حَاجَةُ مَا بَقِيَ
فَلَفْظُ الْإِشَابَةِ حَقِيقَةٌ فِي مَدْلُولِهِ، وَهُوَ تَبْيِيضُ الشَّعْرِ لِنَقْصِ الْحَارِّ الْغَرِيزِيِّ، لِضَعْفِ الْكِبَرِ، وَلَفْظُ الزَّمَانِ - الَّذِي هُوَ مُرُورُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ - حَقِيقَةٌ فِي مَدْلُولِهِ أَيْضًا، لَكِنَّ إِسْنَادَ الْإِشَابَةِ إِلَى الزَّمَانِ مَجَازٌ، إِذِ الْمُشَيِّبُ لِلنَّاسِ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَهَذَا مَجَازٌ فِي التَّرْكِيبِ، أَيْ: فِي إِسْنَادِ الْأَلْفَاظِ بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ، لَا فِي نَفْسِ مَدْلُولَاتِ الْأَلْفَاظِ، وَهَكَذَا كُلُّ لَفْظٍ كَانَ مَوْضُوعًا فِي اللُّغَةِ لِيُسْنَدَ إِلَى لَفْظٍ آخَرَ فَأُسْنِدَ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ اللَّفْظِ، فَإِسْنَادُهُ مَجَازٌ تَرْكِيبِيٌّ، كَلَفْظِ السُّؤَالِ، فَإِنَّهُ وُضِعَ فِي اللُّغَةِ لِيُسْنَدَ إِلَى أُولِي الْعَقْلِ وَالْعِلْمِ، نَحْوَ: سَأَلْتُ زَيْدًا عَنْ كَذَا، {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} [الْفُرْقَانِ: ٥٩] ، {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ} [النَّحْلِ: ٤٣] ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النِّسَاءِ: ٣٢] ، فَإِذَا أُسْنِدَ السُّؤَالُ إِلَى غَيْرِ ذَوِي الْعِلْمِ كَانَ مَجَازًا إِسْنَادِيًّا، كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يُوسُفَ: ٨٢] ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute