للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مُتَعَلِّقِهِ الْحَقِيقِيِّ إِلَى غَيْرِهِ، وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِنَا: إِنَّ الْمَجَازَ التَّرْكِيبِيَّ عَقْلِيٌّ إِلَّا هَذَا.

وَاحْتَجَّ الْآخَرُونَ بِأَنَّ صِيغَةَ أَخْرَجَ وَأَنْبَتَ وُضِعَتْ فِي اللُّغَةِ بِإِزَاءِ صُدُورِ الْإِخْرَاجِ وَالْإِنْبَاتِ عَنْ عَالِمٍ قَادِرٍ، فَإِذَا اسْتُعْمِلَتْ تِلْكَ الصِّيغَةُ فِي صُدُورِهَا عَنِ الْأَرْضِ، فَقَدِ اسْتُعْمِلَتْ فِي غَيْرِ مَوْضُوعِهَا، كَمَا اسْتُعْمِلَ لَفْظُ الْأَسَدِ إِذَا أُرِيدَ بِهِ الرَّجُلُ الشُّجَاعُ فِي غَيْرِ مَوْضُوعِهِ، فَيَكُونُ هَذَا الْمَجَازُ لُغَوِيًّا.

وَأُجِيبَ عَنْ هَذَا: بِأَنَّ صِيَغَ الْأَفْعَالِ لَا تَدُلُّ عَلَى خُصُوصِيَّةِ الْفَاعِلِ دَلَالَةً لَفْظِيَّةً، لَا مُطَابَقَةً وَلَا تَضُمُّنًا، وَإِنَّمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ دَلَالَةً عَقْلِيَّةً الْتِزَامِيَّةً، وَحِينَئِذٍ نَقُولُ: صِيغَةُ أَخْرَجَ وَأَنْبَتَ لَا تَدُلُّ عَلَى صُدُورِهِمَا عَنْ عَالِمٍ قَادِرٍ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ، وَإِنَّمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الْعَقْلُ، لِاسْتِحَالَةِ صُدُورِ الْأَفْعَالِ حَقِيقَةً عَنِ الْجَمَادَاتِ، وَأَبْلَغُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْفِعْلَ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى فَاعِلِهِ مُطْلَقًا دَلَالَةَ الْأَثَرِ عَلَى الْمُؤَثِّرِ، لِاسْتِحَالَةِ فِعْلٍ لَا فَاعِلَ لَهُ، وَهِيَ دَلَالَةٌ عَقْلِيَّةٌ، وَحِينَئِذٍ يَثْبُتُ أَنَّ دَلَالَةَ الْإِخْرَاجِ وَالْإِنْبَاتِ عَلَى صُدُورِهِمَا عَنِ اللَّهِ تَعَالَى عَقْلِيَّةٌ، فَيَكُونُ إِسْنَادُهُ إِلَى الْأَرْضِ نَقْلًا لِحُكْمٍ عَقْلِيٍّ، فَيَكُونُ هَذَا الْمَجَازُ عَقْلِيًّا لَا لُغَوِيًّا، وَإِنَّ قَوْلَنَا: هُوَ ثَابِتٌ عَلَى الْأَظْهَرِ فِيهِ، مُتَابَعَةٌ لِمَنْ أَطْلَقَ خِلَافَ الصَّوَابِ، وَإِنَّهُ كَانَ قَبْلَ وُقُوفِي عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>