للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فَقَدْ بَانَ بِهَذَا أَنَّ الْمَجَازَ إِمَّا فِي الْإِفْرَادِ، كَاسْتِعْمَالِ الْأَسَدِ فِي الشُّجَاعِ، أَوْ فِي التَّرْكِيبِ نَحْوَ: أَشَابَنِي الزَّمَانُ، {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا} [الزَّلْزَلَةِ: ٢] ، {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يُوسُفَ: ٨٢] ، أَوْ فِي الْإِفْرَادِ وَالتَّرْكِيبِ مَعًا، نَحْوَ: أَحْيَانِي اكْتِحَالِي بِطَلْعَتِكَ، فَإِنَّ التَّجَوُّزَ فِي لَفْظِ الْإِحْيَاءِ فِي إِسْنَادِ الْإِحْيَاءِ إِلَى الِاكْتِحَالِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: «عَلَى الْأَظْهَرِ فِيهِ» ، فَإِشَارَةٌ إِلَى وُقُوعِ الْخِلَافِ فِي الْمَجَازِ التَّرْكِيبِيِّ، وَهَكَذَا أَطْلَقَ بَعْضُ الْأُصُولِيِّينَ الْخِلَافَ فِيهِ.

وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْخِلَافَ لَيْسَ فِي جَوَازِهِ، وَلَا فِي وُقُوعِهِ، بِدَلِيلِ الْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي كَوْنِهِ عَقْلِيًّا أَوْ لُغَوِيًّا، أَيْ: فِي أَنَّ الْمَنْقُولَ فِي هَذَا الْمَجَازِ، هَلْ هُوَ حُكْمٌ عَقْلِيٌّ أَوْ لَفْظٌ لُغَوِيٌّ وَضْعِيٌّ؟

احْتَجَّ الْأَوَّلُونَ بِأَنَّ الْإِخْرَاجَ وَالْإِنْبَاتَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ} [الزَّلْزَلَةِ: ٢] ، وَ {مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ} [الْبَقَرَةِ: ٦١] ، غَيْرُ مُسْنَدَيْنِ فِي الْحَقِيقَةِ إِلَى الْأَرْضِ، بَلْ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَقَدْ بُيِّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [الْبَقَرَةِ: ٢٦٧] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا} [عَبَسَ: ٢٧] ، وَإِسْنَادُ الْإِخْرَاجِ وَالْإِنْبَاتِ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَمْرٌ عَقْلِيٌّ، أَيْ: يُدْرَكُ بِالْعَقْلِ، وَإِسْنَادُهُ إِلَى الْأَرْضِ نَقْلٌ لِحُكْمٍ عَقْلِيٍّ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>