للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أَرْجَحُ، لِأَنَّ الْمَعْنَيَيْنِ فَأَكْثَرَ جَمْعٌ لَا تَثْنِيَةٌ، فَكَانَ ذَلِكَ أَجْوَدَ مِنْ قَوْلِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ: مَا احْتَمَلَ مَعْنَيَيْنِ هُوَ فِي أَحَدِهِمَا أَظْهَرُ.

قَوْلُهُ: «أَوْ مَا بَادَرَ مِنْهُ عِنْدَ إِطْلَاقِهِ مَعْنًى، مَعَ تَجْوِيزِ غَيْرِهِ» .

هَذَا تَخْيِيرٌ بَيْنَ التَّعْرِيفَيْنِ، أَيِ: الظَّاهِرُ هُوَ اللَّفْظُ الْمُحْتَمَلُ، إِلَى آخِرِهِ، أَوِ اللَّفْظُ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ مَعْنًى، مَعَ تَجْوِيزِ غَيْرِهِ، بِأَيِّهِمَا شِئْتَ عَرِّفْهُ، لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ.

فَقَوْلُنَا: «مَا بَادَرَ مِنْهُ عِنْدَ إِطْلَاقِهِ» احْتِرَازٌ مِمَّا لَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ عِنْدَ إِطْلَاقِهِ مَعْنًى، لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُجْمَلُ، كَالْقُرْءِ عِنْدَ إِطْلَاقِهِ، لَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ حَيْضٌ وَلَا طُهْرٌ.

وَقَوْلُنَا: عِنْدَ إِطْلَاقِهِ: احْتِرَازٌ مِمَّا كَانَتْ مُبَادَرَةُ الْمَعْنَى مِنْهُ لَا عِنْدَ إِطْلَاقِهِ فَقَطْ، بَلْ مَعَ قَرِينَةٍ أَوْ دَلِيلٍ آخَرَ، فَإِنَّ ذَلِكَ، وَإِنَّ سُمِّي ظَاهِرًا بِاعْتِبَارِ ظُهُورِ الْمُرَادِ مِنْهُ، إِلَّا أَنَّهُ مَجَازٌ، إِذْ لَيْسَ ظَاهِرًا بِذَاتِهِ، بَلْ بِالدَّلِيلِ الْخَارِجِ، وَنَحْنُ كَلَامُنَا فِي الظَّاهِرِ بِذَاتِهِ. فَلَوْ قِيلَ: مَا بَادَرَ مِنْهُ لِذَاتِهِ مَعْنًى مَعَ تَجْوِيزِ غَيْرِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ النَّصُّ كَمَا سَبَقَ.

قَوْلُهُ: «وَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ» ، أَيْ: عَنِ الظَّاهِرِ «إِلَّا بِتَأْوِيلٍ» ، أَيْ: حُكْمُ الظَّاهِرِ ذَلِكَ، كَمَا أَنَّ حُكْمَ النَّصِّ ذَلِكَ أَيْضًا، فَإِنَّ تَرْكَ الِاحْتِمَالِ الظَّاهِرِ الرَّاجِحِ إِلَى الِاحْتِمَالِ الْخَفِيِّ الْمَرْجُوحِ كَتَرْكِ النَّصِّ إِلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَقْبَحَ وَأَفْحَشَ، إِلَّا أَنَّهُمَا مُشْتَرِكَانِ فِي قَدْرٍ مِنَ الْقُبْحِ وَالْفُحْشِ وَالتَّحْرِيمِ، وَهَذَا كَمَنْ يَقُولُ: إِنَّ قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَالْأَنْصَابِ وَالْأَزْلَامِ: {رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ}

<<  <  ج: ص:  >  >>