. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كَانَ فِي احْتِمَالِ اللَّفْظِ مِنْ ضَعْفِ جَبْرٍ بِاعْتِبَارِ قُوَّةٍ فِي الدَّلِيلِ، وَمَا كَانَ فِيهِ مِنْ قُوَّةٍ سُومِحَ بِقَدْرِهِ فِي الدَّلِيلِ، وَالْمُعْتَمَدُ قُبَالَةَ الْمُعْتَدِلِ فَهُمَا يُحَصِّلَانِ الْغَرَضَ، وَالْكَلَامُ فِي هَذَا الْمَكَانِ كَالْمِيزَانِ، فَلَوْ فَرَضْنَا مِيزَانًا فِي إِحْدَى كِفَّتَيْهِ عَشَرَةُ أَرْطَالٍ، وَفِي الْكِفَّةِ الْأُخْرَى ثَلَاثَةُ أَرْطَالٍ، احْتَجْنَا لِتَعْدِيلِهِمَا إِلَى سَبْعَةِ أَرْطَالٍ، وَهُوَ نَظِيرُ الِاحْتِمَالِ الْمَرْجُوحِ مَعَ الدَّلِيلِ الْقَوِيِّ، وَإِنْ كَانَ فِي الْكِفَّةِ الْمَرْجُوحَةِ سَبْعَةُ أَرْطَالٍ، احْتَجْنَا فِي تَعْدِيلِهِمَا إِلَى ثَلَاثَةِ أَرْطَالٍ، وَهُوَ نَظِيرُ الِاحْتِمَالِ الرَّاجِحِ مَعَ الدَّلِيلِ اللَّيِّنِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْكِفَّةِ الْمَرْجُوحَةِ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ أَوْ سِتَّةُ أَرْطَالٍ احْتَجْنَا فِي التَّعْدِيلِ إِلَى خَمْسَةٍ أَوْ أَرْبَعَةِ أَرْطَالٍ، فَالتَّفَاوُتُ هَاهُنَا مُتَوَسِّطٌ، وَهُوَ نَظِيرُ الِاحْتِمَالِ الْمُتَوَسِّطِ مَعَ الدَّلِيلِ الْمُتَوَسِّطِ، وَسَيَأْتِي لِهَذَا أَوْ بَعْضِهِ أَمْثِلَةٌ فِيمَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: «وَالدَّلِيلُ قَرِينَةٌ، أَوْ ظَاهِرٌ آخَرُ، أَوْ قِيَاسٌ» أَيْ: دَلِيلُ التَّأْوِيلِ الَّذِي يَقْوَى بِهِ الِاحْتِمَالُ الْمَرْجُوحُ عَلَى الظَّاهِرِ، قَدْ تَكُونُ قَرِينَتُهُ مُتَّصِلَةً بِالظَّاهِرِ، أَوْ مُنْفَصِلَةً، وَقَدْ يَكُونُ ظَاهِرًا آخَرَ، أَوْ نَصًّا يُوَافِقُ الِاحْتِمَالَ الْمَرْجُوحَ، وَقَدْ يَكُونُ قِيَاسًا، لِأَنَّ هَذِهِ كُلَّهَا أَدِلَّةٌ تَصْلُحُ لِلتَّرْجِيحِ، إِذْ مَقْصُودُهُ حَاصِلٌ بِهَا.
فَالْقَرِينَةُ الْمُتَّصِلَةُ، كَالْمُنَاظَرَةِ الَّتِي حَصَلَتْ بَيْنَ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ وَحَنْبَلٍ: كَلَّمْتُ الشَّافِعِيَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، يَعْنِي أَنَّ الْوَاهِبَ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيمَا وَهَبَ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute