. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَشَرَحَ الْقَرَّافِيُّ فِي كِتَابِ «الْأَجْوِبَةِ الْفَاخِرَةِ عَنِ الْأَسْئِلَةِ الْفَاجِرَةِ» مَعْنَى الْكَلَامِ النَّفْسِيِّ، فَقَالَ: إِنَّ كُلَّ عَاقِلٍ يَجِدُ فِي نَفْسِهِ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ، وَالْخَبَرَ عَنْ كَوْنِ الْوَاحِدِ نِصْفَ الِاثْنَيْنِ، وَعَنْ حُدُوثِ الْعَالَمِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَهُوَ غَيْرُ مُخْتَلَفٍ فِيهِ، ثُمَّ يُعَبِّرُ عَنْهُ بِعِبَارَاتٍ وَلُغَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ ; فَالْمُخْتَلِفُ: هُوَ الْكَلَامُ اللِّسَانِيُّ، وَغَيْرُ الْمُخْتَلِفِ: هُوَ الْكَلَامُ النَّفْسِيُّ الْقَائِمُ بِذَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَيُسَمَّى ذَلِكَ الْعِلْمُ الْخَاصُّ سَمْعًا ; لِأَنَّ إِدْرَاكَ الْحَوَاسِّ إِنَّمَا هِيَ عُلُومٌ خَاصَّةٌ، أَخَصُّ مِنْ مُطْلَقِ الْعِلْمِ ; فَكُلُّ إِحْسَاسٍ عِلْمٌ، وَلَيْسَ كُلُّ عِلْمٍ إِحْسَاسًا، فَإِذَا وُجِدَ هَذَا الْعِلْمُ الْخَاصُّ فِي نَفْسِ مُوسَى الْمُتَعَلِّقُ بِالْكَلَامِ النَّفْسِيِّ الْقَائِمِ بِذَاتِ الْبَارِئِ عَزَّ وَجَلَّ، سُمِّي بِاسْمِهِ الْمَوْضُوعِ لَهُ فِي اللُّغَةِ، وَهُوَ السَّمَاعُ. هَذَا مَعْنَى تَقْرِيرِهِ.
قُلْتُ: وَبُسِّطَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا.
وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي بَعْضِ عَقَائِدِهِ: مَنْ أَحَالَ سَمَاعَ مُوسَى كَلَامًا لَيْسَ بِصَوْتٍ وَلَا حَرْفٍ ; فَلْيُحِلْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رُؤْيَةَ ذَاتٍ لَيْسَتْ بِجِسْمٍ وَلَا عَرَضٍ.
قُلْتُ: كُلُّ هَذَا تَكَلُّفٌ وَخُرُوجٌ عَنِ الظَّاهِرِ، بَلِ الْقَاطِعُ، مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ إِلَّا خَيَالَاتٍ لَاغِيَةٍ، وَأَوْهَامٍ مُتَلَاشِيَةٍ، وَمَا ذَكَرُوهُ مَعَارَضٌ بِأَنَّ الْمَعَانِيَ لَا تَقُومُ شَاهِدًا إِلَّا بِالْأَجْسَامِ، فَإِذَا أَجَازُوا مَعْنًى قَامَ بِالذَّاتِ الْقَدِيمَةِ وَلَيْسَتْ جِسْمًا ; فَلْيُجِيزُوا خُرُوجَ صَوْتٍ مِنَ الذَّاتِ الْقَدِيمَةِ وَلَيْسَتْ جِسْمًا، إِذْ كِلَا الْأَمْرَيْنِ خِلَافُ الشَّاهِدِ، وَمَنْ أَحَالَ كَلَامًا لَفْظِيًّا مِنْ غَيْرِ جِسْمٍ ; فَلْيُحِلْ ذَاتًا مَرْئِيَّةً غَيْرَ جِسْمٍ، وَلَا فَرْقَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute