للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لَيْسَ الشُّجَاعُ الَّذِي يَحْمِي كَتِيبَتَهُ ... يَوْمَ النِّزَالِ وَنَارُ الْحَرْبِ تَشْتَعِلُ

وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} [الْكَهْفِ: ٧٧] ، وَالْجِدَارُ لَا إِرَادَةَ لَهُ ; إِذْ الْإِرَادَةُ حَقِيقَةٌ مِنْ خَصَائِصِ الْحَيَوَانِ أَوِ الْإِنْسَانِ، وَإِنَّمَا هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ مُقَارَبَتِهِ الِانْقِضَاضَ ; لِأَنَّ مَنْ أَرَادَ شَيْئًا قَارَبَهُ ; فَكَانَتِ الْمُقَارَبَةُ مِنْ لَوَازِمِ الْإِرَادَةِ ; فَتُجُوِّزَ بِهَا عَنْهَا. «وَهُوَ كَثِيرٌ» يَعْنِي: الْكَلَامُ الْمَجَازِيُّ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ، نَحْوَ: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يُوسُفَ: ٨٢] ، {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشُّورَى: ٤٠] ، {حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} [الْأَنْفَالِ: ٦٧] ، {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ} [الْأَعْرَافِ: ١٣٠] ، وَحَقِيقَةُ الْإِثْخَانِ فِي الْمَائِعَاتِ، وَالْأَخْذُ فِي التَّنَاوُلِ بِالْيَدِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ كَثِيرٌ يَعْسُرُ اسْتِقْصَاؤُهُ.

قَوْلُهُ: «قَالُوا: يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى مُتَجَوِّزًا» مُسْتَعِيرًا ; لِأَنَّ مُسْتَعْمَلَ الْمَجَازِ يُسَمَّى فِي اللُّغَةِ مُتَجَوِّزًا، وَالتَّجَوُّزُ: اسْتِعَارَةُ اللَّفْظِ لِغَيْرِ مَوْضُوعِهِ ; فَيَلْزَمُ أَنْ يُسَمَّى اللَّهُ تَعَالَى كَذَلِكَ، لَكِنَّهُ لَا يُسَمَّى ; فَلَا يَكُونُ الْمَجَازُ وَاقِعًا فِي الْقُرْآنِ.

قَوْلُهُ: «وَأُجِيبَ بِالْتِزَامِهِ وَبِالْفَرْقِ» ، أَيْ: أَجَابَ بَعْضُ الْأُصُولِيِّينَ عَنْ هَذَا الْإِلْزَامِ بِجَوَابَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: الْتِزَامُهُ: وَهُوَ صِحَّةُ تَسْمِيَتِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُتَجَوِّزًا، بِمَعْنَى أَنَّهُ مُسْتَعْمِلٌ لِلْمَجَازِ، وَلَيْسَ فِيهِ نَقْصٌ وَلَا مَحْذُورٌ، كَمَا يُسَمَّى مُتَكَلِّمًا بِاسْتِعْمَالِهِ لِلْكَلَامِ.

الْجَوَابُ الثَّانِي: مَنْعُ الْمُلَازِمَةِ، وَهُوَ: أَنَا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَوْ تَكَلَّمَ بِالْمَجَازِ، لَزِمَ أَنْ يُسَمَّى مُتَجَوِّزًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَغَيْرِهِ، أَنَّ تَسْمِيَةَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>