للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَتَعَالَى بِالْأَسْمَاءِ، وَوَصْفَهُ بِالصِّفَاتِ تَوْقِيفِيَّةٌ، أَيْ: إِنَّمَا تُتَلَقَّى مِنْ جِهَةِ التَّوْقِيفِ، لَا مِنْ جِهَةِ التَّصَرُّفِ. الِاشْتِقَاقِيِّ وَالْقِيَاسِيِّ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِنَا: «وَبِالْفَرْقِ بِأَنَّ مِثْلَهُ» ، أَيْ: بِأَنَّ مِثْلَ هَذَا - وَهُوَ تَسْمِيَةُ الْبَارِئِ جَلَّ جَلَالُهُ - «تَوْقِيفِيٌّ» .

قُلْتُ: اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ: هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُشْتَقَّ لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ أَفْعَالِهِ وَصِفَاتِهِ أَسْمَاءٌ بِدُونِ التَّوْقِيفِ، مِثْلَ قَوْلِنَا: فَارِشٌ، مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا} [الذَّارِيَاتِ: ٤٨] ، وَمُنْبِتٌ، مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا} [عَبَسَ: ٢٧] ، وَنَحْوَ ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ، اخْتَارَ الْغَزَالِيُّ فِي كِتَابِهِ «الْمَقْصِدُ الْأَسْنَى» الْجَوَازَ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى الْمَنْعِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

وَمِنْ أَدِلَّةِ النَّافِينَ أَنَّ الْمَجَازَ لَا يُنْبِئُ بِنَفْسِهِ عَنْ مَعْنَاهُ ; فَوُقُوعُهُ فِي الْقُرْآنِ مُلْبِسٌ، وَمَقْصُودُ الْقُرْآنِ الْبَيَانُ. وَجَوَابُهُ: أَنَّ الْبَيَانَ يَحْصُلُ بِالْقَرِينَةِ ; فَلَا إِلْبَاسَ.

وَمِنْهَا أَنَّ الْعُدُولَ إِلَى الْمَجَازِ يَقْتَضِي الْعَجْزَ عَنِ الْحَقِيقَةِ، أَوْ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَالْعَجْزُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مُحَالٌ.

وَجَوَابُهُ بِمَنْعِ ذَلِكَ، بَلِ الْمَجَازُ لَهُ فَوَائِدُ سَبَقَ ذِكْرُ بَعْضِهَا.

وَمِنْهَا أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى حَقٌّ، بِمَعْنَى أَنَّهُ صِدْقٌ، لَيْسَ بِكَذِبٍ وَلَا بَاطِلٍ، لَا بِمَعْنَى أَنَّ جَمِيعَ أَلْفَاظِهِ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي مَوْضُوعِهَا الْأَصْلِيِّ، وَكَوْنُهُ لَهُ حَقِيقَةٌ مَعْنَاهُ أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>