للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قَالَ: وَزَعَمَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ فِيهِ مِنْ كَلَامِ الْعَجَمِ شَيْءٌ، وَأَنَّهُ كُلُّهُ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ.

قُلْتُ: الْحَقُّ أَنَّ فِيهِ أَلْفَاظًا مُعَرَّبَةً كَمَا ذَكَرْنَا، لَكِنَّ الْأَلْفَاظَ الْمَذْكُورَةَ عَنْ هَؤُلَاءِ أَكْثَرُهَا عَرَبِيٌّ مَحْضٌ، وَقَدْ صَنَّفَ ابْنُ الْجَوَالِيقِيِّ كِتَابًا سَمَّاهُ " الْمُعَرَّبَ "، وَذَكَرَ فِيهِ أَلْفَاظًا وَقَعَتْ فِي الْقُرْآنِ مُعَرَّبَةً.

قَوْلُهُ: " قَالُوا: تَحَدِّي الْعَرَبِ بِغَيْرِ لِسَانِهِمْ "، إِلَى آخِرِهِ، هَذِهِ أَدِلَّةُ الْمَانِعِينَ لِوُقُوعِ الْمُعَرَّبِ فِي الْقُرْآنِ، وَهِيَ مِنْ وُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ مُعْجِزًا تَحَدَّى بِهِ الْعَرَبَ، أَيْ: تَحَدَّاهُمْ وَبَعَثَهُمْ عَلَى مُعَارَضَتِهِ، تَعْجِيزًا لَهُمْ ; فَلَوْ كَانَ مُشْتَمِلًا عَلَى غَيْرِ الْعَرَبِيِّ الْمَحْضِ، لَكَانَ قَدْ تَحَدَّاهُمْ بِمُعَارَضَةِ مَا لَيْسَ مِنْ لِسَانِهِمْ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ ; لِأَنَّهُ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ، كَمَا إِذَا قِيلَ لِلْعَجَمِيِّ الْمَحْضِ: أَنْشِئْ لَنَا مِثْلَ السَّبْعِ الطِّوَالِ، أَوِ الْأَشْعَارِ السِّتَّةِ، وَنَحْوِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>