للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ النَّصَّ أَثْبَتَ أَنَّ الْقُرْآنَ عَرَبِيٌّ مَحْضٌ، وَلَوْ كَانَ فِيهِ مُعَرَّبٌ لَمْ يَكُنْ عَرَبِيًّا مَحْضًا.

أَمَّا الْأَوَّلُ: فَلِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [يُوسُفَ: ٢] ، {وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا} [الْأَحْقَافِ: ١٢] ، {قُرْءَانًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} [الزُّمَرِ: ٢٨] ، وَنَحْوُهُ كَثِيرٌ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي تَمَحُضَّ عَرَبِيَّتِهِ.

وَأَمَّا الثَّانِي: فَلِأَنَّ مَا اشْتَمَلَ عَلَى عِدَّةِ أَلْفَاظٍ أَعْجَمِيَّةِ الْأَصْلِ، لَا يَكُونُ كُلُّهُ عَرَبِيًّا مَحْضًا بِالضَّرُورَةِ، كَمَا أَنَّ الْجَيْشَ مِنَ الْعَرَبِ، إِذَا كَانَ فِيهِ آحَادُ فُرْسَانٍ مِنَ الْعَجَمِ، لَا يَكُونُ جَيْشًا عَرَبِيًّا مَحْضًا، فَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْقُرْآنُ عَرَبِيًّا، لَزِمَ خِلَافُ النَّصِّ عَلَى كَوْنِهِ عَرَبِيًّا مَحْضًا.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} الْآيَةَ [فُصِّلَتْ: ٤٤] ، هَذَا ظَاهِرٌ فِي إِنْكَارِ الْمُعَرَّبِ بِتَقْدِيرِ وُقُوعِهِ ; لِأَنَّ تَقْدِيرَ الْآيَةِ: أَنَّا إِنَّمَا جَعَلْنَا الْقُرْآنَ عَرَبِيًّا ; لِأَنَّا لَوْ جَعَلْنَاهُ أَعْجَمِيًّا لَأَنْكَرْتُمُوهُ أَيُّهَا الْكُفَّارُ، وَقُلْتُمْ كَيْفَ يَكُونُ قُرْآنٌ أَعْجَمِيٌّ وَنَبِيٌّ عَرَبِيٌّ، وَظَاهِرُ الْآيَةِ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ ذَلِكَ وَأَنْكَرُوهُ لَكَانَ لَهُمْ فِيهِ الْحُجَّةُ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهُ عَرَبِيٌّ مَحْضٌ، لِتَقُومَ بِهِ الْحُجَّةُ، وَلَا يَتَّجِهَ لَهُمْ إِنْكَارُهُ.

قَوْلُهُ: " وَلَا حُجَّةَ فِي مَنْعِ صَرْفِ " إِسْحَاقَ " وَنَحْوِهِ "، إِلَى آخِرِهِ، هَذَا جَوَابٌ مِنْ مُنْكِرِي الْمُعَرَّبِ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ لِمُثْبِتِيهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا: وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ فِي الْقُرْآنِ أَلْفَاظًا أَعْجَمِيَّةَ الْأَصْلِ، أَنَّ إِبْرَاهِيمَ، وَإِسْحَاقَ، وَإِسْمَاعِيلَ، وَيَعْقُوبَ وَنَحْوَهَا، غَيْرُ مُنْصَرِفَةٍ لِاجْتِمَاعِ الْعَلَمِيَّةِ وَالْعُجْمَةِ فِيهَا، وَمَا اتَّصَفَ بِالْعُجْمَةِ ; فَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>