. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَنَحْوَهُ يَقْتَضِي تَمَحُّضَ عَرَبِيَّتِهِ مَمْنُوعٌ، بَلْ يَقْتَضِي أَنَّهُ عَرَبِيٌّ فِي غَالِبِ أَلْفَاظِهِ، وَأَنَّهُ عَرَبِيٌّ حُكْمًا لَا حَقِيقَةً، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَنْفِ أَنَّهُ لَا مُعَرَّبَ فِيهِ، أَوْ أَنَّهُ عَرَبِيٌّ عُرْفًا، وَالْقُرْآنُ مَعَ الْمُعَرَّبِ الَّذِي فِيهِ يُسَمَّى عَرَبِيًّا عُرْفًا كَمَا بَيَّنَّا، وَالْقَوْلُ فِيمَا اسْتَشْهَدُوا بِهِ مِنَ الْجَيْشِ الْعَرَبِيِّ فِيهِ آحَادٌ مِنَ الْعَجَمِ كَذَلِكَ، اعْتِبَارًا بِالْأَكْثَرِ، وَإِنْ سَلَّمْنَا ; فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ آحَادَ الْفُرْسَانِ لَمْ يَحْدُثْ فِيهَا مَا يُصَيِّرُ حُكْمَهَا حُكْمَ الْعَرَبِ، بِخِلَافِ الْأَلْفَاظِ الْمُعَرَّبَةِ ; فَإِنَّهُ حَدَثَ فِيهَا مِنْ تَعْرِيبِ الْعَرَبِ لَهَا مَا صَيَّرَ حُكْمَهَا حُكْمَ أَلْفَاظِ الْعَرَبِ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا} [فُصِّلَتْ: ٤٤] ; فَقَدْ أَجَبْتُ عَنْهُ فِي " الْمُخْتَصَرِ " بِقَوْلِي: " وَ {أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} مُتَأَوَّلٌ عَلَى خِلَافِ مَا ذَكَرْتُمْ ".
وَتَقْرِيرُ الْجَوَابِ بِنَحْوِ مَا سَبَقَ، وَهُوَ أَنَّ حُجَّةَ الْكُفَّارِ ; إِنَّمَا كَانَتْ تَقُومُ لَوْ كَانَ جَمِيعُ الْقُرْآنِ أَعْجَمِيًّا، أَمَّا وَغَالِبُهُ عَرَبِيٌّ بِلُغَتِهِمْ، وَإِنَّمَا فِيهِ أَلْفَاظٌ يَسِيرَةٌ مِنْ غَيْرِهِ ; فَلَا، وَحِينَئِذٍ يَصِيرُ تَأْوِيلُ الْآيَةِ: وَلَوْ جَعَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ، أَيْ جَمِيعَهُ، قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا ; لَأَنْكَرُوهُ، وَلَقَامَتْ حُجَّتُهُمْ، لَكِنْ مَا جَعَلْنَا جَمِيعَهُ أَعْجَمِيًّا ; فَلَيْسَ لَهُمْ إِنْكَارُهُ، وَلَا تَقُومُ لَهُمْ بِإِنْكَارِهِ حُجَّةٌ، وَهُوَ صَحِيحٌ ; لِأَنَّهُمْ لَوْ قَالُوا لَهُ أَنْتَ أَتَيْتِنَا بِأَلْفَاظٍ لَيْسَتْ مِنْ لُغَتِنَا كَالْمِشْكَاةِ، وَسِجِّيلٍ، وَنَحْوِهِ، وَنَحْنُ لَا نَعْرِفُ إِلَّا لُغَتَنَا، لَقَالَ لَهُمْ: أَنَا لَا أَتَحَدَّاكُمْ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ، بَلْ بِالْأَلْفَاظِ الْعَرَبِيَّةِ الْمَحْضَةِ، الَّتِي هِيَ مِنْ لُغَتِكُمْ ; فَأْتُوا بِمِثْلِهَا إِنَّ كُنْتُمْ صَادِقِينَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute