للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَالْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ: إِنَّ مِشْكَاةً وَنَحْوَهَا مِمَّا اتَّفَقَ فِيهِ اللُّغَتَانِ بِوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ اتِّفَاقَ اللُّغَتَيْنِ بَعِيدٌ فِي الْعَادَةِ، وَإِنْ كَانَ مُمْكِنًا لِذَاتِهِ.

الثَّانِي: سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَيْسَ بِبَعِيدٍ، لَكِنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ ; فَحَمْلُكُمُ الْأَلْفَاظَ عَلَيْهِ، مَعَ نَقْلِ الْعُلَمَاءِ الْمُعْتَبَرِينَ أَنَّهَا مُعَرَّبَةٌ، حَمْلٌ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ، وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ.

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ رِيَاضِيَّاتِ هَذَا الْعِلْمِ ; فَهِيَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي مَبْدَأِ اللُّغَاتِ، لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا كَبِيرُ أَمْرٍ فِي فِقْهِ اللُّغَاتِ.

تَنْبِيهٌ: ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي، وَابْنُ فَارِسٍ فِي فِقْهِ اللُّغَةِ، الْمُسَمَّى بِـ الصَّاحِبِيِّ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النِّزَاعَ فِي الْمَسْأَلَةِ لَفْظِيٌّ. وَحَاصِلُهُ: أَنَّ فِي اللُّغَةِ أَلْفَاظًا أَصْلُهَا أَعْجَمِيٌّ، كَمَا قَالَ الْفُقَهَاءُ، لَكِنِ اسْتَعْمَلَتْهَا الْعَرَبُ ; فَعَرَّبَتْهَا بِأَلْسِنَتِهَا، وَحَوَّلَتْهَا عَنْ أَلْفَاظِ الْعَجَمِ إِلَى أَلْفَاظِهَا ; فَصَارَتْ عَرَبِيَّةً، ثُمَّ نَزَلَ الْقُرْآنُ وَقَدِ اخْتَلَطَتْ بِكَلَامِ الْعَرَبِ ; فَمَنْ قَالَ: إِنَّهَا عَرَبِيَّةٌ ; فَهُوَ صَادِقٌ، يَعْنِي بِاعْتِبَارِ التَّعْرِيبِ الطَّارِئِ. وَمَنْ قَالَ: إِنَّهَا أَعْجَمِيَّةٌ ; فَهُوَ صَادِقٌ، يَعْنِي بِاعْتِبَارِ أَصْلِهَا.

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَإِنَّمَا سَلَكْنَا هَذَا الطَّرِيقَ لِئَلَّا يُظَنَّ بِالْفُقَهَاءِ الْجَهْلُ بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَهُمْ كَانُوا أَعْلَمَ بِالتَّأْوِيلِ، وَأَشَدَّ تَعْظِيمًا لِلْقُرْآنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>