. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَمَا انْتَهَى عِلْمُ الرَّاسِخِينَ إِلَّا إِلَى قَوْلِهِمْ: آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا. وَقَالَ مِثْلَ هَذَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَهَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الْعَرَبِيَّةِ وَالْقِرَاءَةِ وَالْأَحْكَامِ، وَهُمْ أَكْثَرُ وَأَشْهَرُ مِمَّنْ ذَكَرْتُمْ ; فَيَتَرَجَّحُ بِذَلِكَ مَا ذَكَرْنَاهُ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْقِرَاءَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الِاسْتِئْنَافِ مَرْوِيَّةٌ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَمَوْضِعُهُ مِنْ عِلْمِ الْقُرْآنِ غَيْرُ خَفِيٍّ، خُصُوصًا وَقَدْ دَعَا لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحِكْمَةِ وَمَعْرِفَةِ التَّأْوِيلِ ; فَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ تَأْوِيلٌ مِنْهُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَا يَكُونَ سَمِعَهَا مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتُقَدَّمُ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ فِي تَرْجِيحِ كَوْنِهَا اسْتِئْنَافِيَّةً: أَنَّ بِتَقْدِيرِ ذَلِكَ تَكُونُ الْجُمْلَةُ حَالًا، وَالْحَالُ: فَضْلَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ رُكْنِ الْجُمْلَةِ، وَكَوْنُ الْجُمْلَةُ رُكْنًا أَقْوَى مِنْ كَوْنِهَا فَضْلَةً، وَإِذَا دَارَ أَمْرُ اللَّفْظَةِ بَيْنَ أَقْوَى الْحَالَيْنِ وَأَضْعَفِهِمَا، كَانَ حَمْلُهُ عَلَى الْأَقْوَى أَوْلَى.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ مِنْ أَصْلِ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ سِيَاقَ الْآيَةِ دَلَّ عَلَى ذَمِّ مُبْتَغِي الْمُتَشَابِهِ، إِذْ وُصِفُوا بِزَيْغِ الْقُلُوبِ، وَابْتِغَاءِ الْفِتْنَةِ، وَقَدْ صَرَّحَتِ السُّنَّةُ بِذَمِّهِمْ ; فَرَوَى الْقَاسِمُ وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ} الْآيَةَ [آلِ عِمْرَانَ: ٧] ; فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ; فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ ; فَاحْذَرُوهُمْ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute