. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَأَنَّهَا اسْتِئْنَافِيَّةٌ لَا عَاطِفَةٌ، ثُمَّ إِنْ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ سَمِعَهَا مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهِيَ تَفْسِيرٌ مِنْهُ لِلْآيَةِ، وَقَامَتِ الْحُجَّةُ بِتَفْسِيرِ مَنْ فُوِّضَ إِلَيْهِ بَيَانُ الْقُرْآنِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَمِعَهَا مِنْهُ ; فَهُوَ مُرَجِّحٌ لِقَوْلِنَا مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ قَدْ وُجِدَ لَهُ مُبَيِّنٌ مُرَجِّحٌ، وَهُوَ قِرَاءَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، الْمَذْكُورَةُ، وَمَا ذَكَرْتُمُوهُ مُجَرَّدُ احْتِمَالٍ.
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ الرَّاسِخُونَ مَعْطُوفٌ عَلَى اسْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَنَّهُمْ دَاخِلُونَ فِي عِلْمِ الْمُتَشَابِهِ، وَقَالَهُ الرَّبِيعُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَغَيْرُهُمْ.
قُلْنَا: هَذَا لَا يَثْبُتُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَثُبُوتِ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ بِالسَّنَدِ الصَّحِيحِ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: إِنَّمَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ نَسَقَ «الرَّاسِخُونَ» عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَزَعَمَ أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَهُ.
قُلْتُ: ثُمَّ لَوْ ثَبَتَ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمَنْ ذَكَرُوهُ غَيْرَهُ، لَكَاَنَ مَا ذَكَرُوهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنَ الْعَطْفِ مُعَارَضًا بِمَا رَوَيْنَاهُ مِنَ الِاسْتِئْنَافِ، وَأَمَّا الْمَذْكُورُونَ مَعَهُ مِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ الْعَطْفُ ; فَقَوْلُهُمْ مُعَارَضٌ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَغَيْرِهِمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَالُوا بِالِاسْتِئْنَافِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْكِسَائِيِّ، وَالْفَرَّاءِ، وَالْأَخْفَشِ، وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَرَوَاهُ يُونُسُ عَنِ الْأَشْهَبِ عَنْ مَالِكٍ ; فِيمَا حَكَاهُ الطَّبَرِيُّ، وَقَالَ أَبُو نَهِيكٍ الْأَسَدِيُّ: إِنَّكُمْ تَصِلُونَ هَذِهِ الْآيَةَ، وَإِنَّهَا مَقْطُوعَةٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute