. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
حُذِفَتِ الْفَاءُ مِنْ جَوَابِهَا ; لِأَنَّهَا فَرْعٌ عَلَيْهَا.
فَإِنْ قِيلَ: هَذَا إِضْمَارٌ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ؟
قُلْنَا: قَدْ دَلَّ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ اللُّغَوِيُّ وَضْعًا، وَاسْتِعْمَالًا، وَعُرْفًا، وَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ اقْتِضَاءِ «أَمَّا» قِسْمَيْنِ فَصَاعِدًا بَعْدَهَا.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالرَّاسِخُونَ} ، وَإِنِ احْتَمَلَتْ أَنْ تَكُونَ غَيْرَ عَاطِفَةٍ، غَيْرَ أَنَّ هَاهُنَا مَا يُرَجِّحُ كَوْنَهَا اسْتِئْنَافِيَّةً مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْعَطْفَ، لَقَالَ: وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ. عَطْفًا لِـ «يَقُولُونَ» عَلَى «يَعْلَمُونَ» الْمُضْمَرِ، إِذِ التَّقْدِيرُ: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ، وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَعْلَمُونَهُ، وَيَقُولُونَ: آمَنَّا بِهِ، أَوْ وَيَعْلَمُهُ الرَّاسِخُونَ وَيَقُولُونَ.
فَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إِنَّ «يَقُولُونَ» جُمْلَةٌ فِي اللُّغَةِ ; لِأَنَّهُ نَصْبٌ لِلْحَالِ، مَعَ إِضْمَارِ فِعْلِهَا الْعَامِلِ فِيهَا، وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَجَازَ: عَبْدُ اللَّهِ رَاكِبًا، بِمَعْنَى: أَقْبَلَ ; فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ: وَالرَّاسِخُونَ قَائِلِينَ، بِتَقْدِيرِ: يَعْلَمُونَهُ قَائِلِينَ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: مَا رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي «تَفْسِيرِهِ» عَنْ [مَعْمَرٍ عَنْ] ابْنِ طَاوُوسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَؤُهَا: «وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَيَقُولُ الرَّاسِخُونَ [فِي الْعِلْمِ] : آمَنَّا بِهِ» . فَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ بَيَّنَتْ إِجْمَالَ الْوَاوِ فِي الْآيَةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute