. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْمَعْنَى، وَهُوَ النَّصُّ، أَوْ يَحْتَمِلَ غَيْرَهُ ; فَإِمَّا عَلَى السَّوَاءِ، وَهُوَ الْمُجْمَلُ، أَوْ مَعَ رُجْحَانِ أَحَدِ مَعَانِيهِ ; فَالرَّاجِحُ ظَاهَرٌ، وَالْمَرْجُوحُ مُؤَوَّلٌ. فَالنَّصُّ وَالظَّاهِرُ يَشْتَرِكَانِ فِي رُجْحَانِ الْإِفَادَةِ، غَيْرَ أَنَّ النَّصَّ مَانِعٌ مِنَ احْتِمَالِ غَيْرِهِ، وَالْقَدْرُ الْمُشْتَرِكُ بَيْنَهُمَا هُوَ الْمُحْكَمُ، وَالْمُؤَوَّلُ وَالْمُجْمَلُ يَشْتَرِكَانِ فِي عَدَمِ الرُّجْحَانِ، غَيْرَ أَنَّ الْمُؤَوَّلَ مَرْجُوحٌ ; وَالْمُجْمَلَ غَيْرُ مَرْجُوحٍ، وَالْقَدْرُ الْمُشْتَرِكُ بَيْنَهُمَا هُوَ الْمُتَشَابِهُ.
قُلْتُ: هَذَا مَا لَمْ أَعْلَمْهُ لِغَيْرِهِ، وَأَحْسَبُهُ مِنَ اصْطِلَاحَاتِهِ مَعَ نَفْسِهِ، مَعَ أَنَّ مَا قَالَهُ يُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ، وَيَكُونُ مِنْ بَعْضِ الْأَقْوَالِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ.
وَالْمُخْتَارُ مِنَ الْأَقْوَالِ كُلِّهَا مَا ذَكَرْنَاهُ فِي «الْمُخْتَصَرِ» ، وَأَنَّ مُتَشَابِهَ الْقُرْآنِ، أَعْنِي آيَاتِ الصِّفَاتِ وَنَحْوَهَا، لَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، لِوُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ أَمَّا فِي لُغَةِ الْعَرَبِ لِتَفْصِيلِ الْجُمَلِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يُذْكَرَ فِي سِيَاقِهَا قِسْمَانِ: لَفْظًا: وَهُوَ أَكْثَرُ مَا يُوجَدُ مِنْ مَوَارِدِهَا، أَوْ تَقْدِيرًا، نَحْوَ: {فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ} [الْقَصَصِ: ٦٧] . وَلَمْ يَذْكُرِ الْقِسْمَ الْآخَرَ لِدَلَالَةِ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ، إِذْ قَدْ فُهِمَ مِنْهُ ; فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ، وَيَعْمَلْ صَالِحًا ; فَلَا يُفْلِحُ، وَلَهُ نَظَائِرُ، وَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هَاهُنَا: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} [آلِ عِمْرَانَ: ٧] ، هَذَا تَمَامُ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ الْمَذْكُورِ فِي سِيَاقِ «أَمَّا» فَاقْتَضَى وَضْعُ اللُّغَةِ وَعُرْفُهَا وَاسْتِعْمَالُهَا ذِكْرَ قِسْمٍ آخَرَ ; فَكَانَ تَقْدِيرُهُ: وَأَمَّا الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ; فَيَقُولُونَ: آمَنَّا بِهِ، لَكِنْ دَلَّتْ أَمَّا الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ ; فَحُذِفَتْ لِوُجُودِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا، ثُمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute