. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الثَّانِي: قَوْلُ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ: الْمُتَشَابِهُ: الْحُرُوفُ الْمُقَطَّعَةُ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ، وَالْمُحْكَمُ: مَا عَدَاهُ.
الثَّالِثُ: قَوْلُ بَعْضِهِمْ: الْمُحْكَمُ: الْوَعْدُ، وَالْوَعِيدُ، وَالْحَرَامُ، وَالْحَلَالُ، وَالْمُتَشَابِهُ: الْقَصَصُ، وَالْأَمْثَالُ.
قُلْتُ: وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِنَّ الْقُرْآنَ كُلُّهُ مُحْكَمٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} [هُودٍ: ١] : وَقَالَ آخَرُونَ: كُلُّهُ مُتَشَابِهٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {كِتَابًا مُتَشَابِهًا} [الزُّمَرِ: ٢٣] ذَكَرَهُمَا الْقُرْطُبِيُّ، وَلَيْسَا مِمَّا نَحْنُ فِيهِ ; لِأَنَّ الْمُرَادَ بِـ {أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} : يَعْنِي: فِي نَظْمِهَا، وَوَضْعِهَا، وَجَزَالَةِ لَفْظِهَا، حَتَّى بَلَغَ حَدَّ الْإِعْجَازِ. وَمُتَشَابِهُ الْكِتَابِ: تَصْدِيقُ بَعْضِهِ بَعْضًا، لِتَشَابُهِ مَعَانِيهِ وَمَضْمُونَاتِهِ ; فَهُوَ غَيْرُ مُتَنَاقِضٍ بِحَيْثُ يُكَذِّبُ بَعْضُهُ بَعْضًا. فَأَمَّا التَّشَابُهُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ ; فَهُوَ التَّشَابُهُ الِاحْتِمَالِيُّ الْإِجْمَالِيُّ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا} [الْبَقَرَةِ: ٧٠] ، أَيْ: إِنَّ لَفْظَ الْبَقَرِ يَحْتَمِلُ أَشْخَاصًا كَثِيرَةً مِنَ الْبَقَرِ، لَا نَعْلَمُ أَيَّهَا الْمُرَادُ. وَلِهَذَا قِيلَ: إِنَّ الْمُتَشَابِهَ مَا يَحْتَمِلُ وُجُوهًا، ثُمَّ إِذَا رُدَّتِ الْوُجُوهُ إِلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ، وَأُبْطِلَ الْبَاقِي، صَارَ الْمُتَشَابِهُ مُحْكَمًا. وَالْمُحْكَمُ: مَا لَا الْتِبَاسَ فِيهِ، وَلَا يَحْتَمِلُ إِلَّا وَجْهًا وَاحِدًا.
قُلْتُ: هَذِهِ جُمْلَةٌ صَالِحَةٌ مِمَّا ذُكِرَ فِي الْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِهِ.
وَذَكَرَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ تَقْسِيمًا أَدْرَجَ فِيهِ النَّصَّ، وَالظَّاهِرَ، وَالْمُجْمَلَ، وَالْمُؤَوَّلَ، وَالْمُحْكَمَ، وَالْمُتَشَابِهَ.
وَمَعْنَى تَقْسِيمِهِ وَحَاصِلُهُ: أَنَّ اللَّفْظَ الْمُفِيدَ لِمَعْنًى ; إِمَّا أَنْ لَا يَحْتَمِلَ غَيْرَ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute