. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَالتَّشْبِيهِ، وَالْأَصَحُّ فِيهِ كُفْرُ فَاعِلِهِ، إِذْ هُوَ كَعَابِدِ الصَّنَمِ، وَقَدْ يَكُونُ عَلَى جِهَةِ الْإِكْثَارِ مِنْهُ لَا لِلتَّشْكِيكِ وَلَا لِلتَّشْبِيهِ، كَمَا فَعَلَ صَبِيغُ بْنُ عِسْلٍ حِينَ أَكْثَرَ مِنْهُ، وَحُكْمُهُ التَّأْدِيبُ، كَمَا أَدَّبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَبِيغًا، وَقَدْ يَكُونُ عَلَى جِهَةِ الْبَحْثِ عَنْ تَأْوِيلِهِ وَإِيضَاحِ مَعْنَاهُ، وَفِي جَوَازِهِ قَوْلَانِ بَيْنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، وَإِجْمَاعُ السَّلَفِ عَلَى الْمَنْعِ مِنْهُ، وَتَفْوِيضِ أَمْرِهِ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَإِنْ حُمِلَ اتِّبَاعُهُ فِي الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ عَلَى أَحَدِ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْمُومَةِ، لَمْ يَكُنْ فِي ذَمِّ مُتَّبِعِ الْمُتَشَابِهِ حُجَّةٌ عَلَى أَنَّ الرَّاسِخِينَ لَا يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ، لَكِنَّ الذَّمَّ وَرَدَ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ ; فَيَقْتَضِي عُمُومَ الِاتِّبَاعِ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: إِنَّ قَوْلَ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ: آمَنَّا بِهِ، يَدُلُّ عَلَى تَفْوِيضٍ مِنْهُمْ، وَتَسْلِيمٍ لِمَا لَمْ يَقِفُوا عَلَى حَقِيقَةِ الْمُرَادِ بِهِ، وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الْإِيمَانِ بِالْغَيْبِ الَّذِي مُدِحَ عَلَيْهِ أَهْلُهُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ} [الْقَصَصِ: ٥٢ - ٥٣] ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي التَّسْلِيمِ لِمُرَادِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُنَافِي فَهْمَهُمُ الْمُرَادَ بِهِ، نَعَمْ قَوْلُهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} ، بَعْدَ قَوْلِهِمْ: آمَنَّا بِهِ، يَدُلُّ دَلَالَةً قَوِيَّةً عَلَى التَّفْوِيضِ لِمُرَادِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْهُ، وَصَارَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: إِنَّ الْمُحْكَمَ الَّذِي يُفْهَمُ الْمُرَادُ مِنْهُ، وَالْمُتَشَابِهَ الَّذِي لَا يُفْهَمُ الْمُرَادُ بِهِ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْقِسْمَيْنِ هُوَ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ; فَنَحْنُ نُؤْمِنُ بِهِمَا عَنْ فَهْمٍ وَتَعَقُّلٍ فِي الْمُحْكَمِ، وَتَفْوِيضٍ وَتَسْلِيمٍ فِي الْمُتَشَابِهِ.
وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ فِي الْوَاوِ بِالْعَطْفِ بِوُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَمُجَاهِدٍ، أَنَّهُمَا قَالَا: نَحْنُ مِمَّنْ يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ، يَعْنِي الْمُتَشَابِهَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute