. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَأْوِيلِ الْمُحْكَمِ الَّذِي لَيْسَ بِمُتَشَابِهٍ ; إِمَّا تَخْصِيصًا لَهُ بِذَلِكَ بِأَدِلَّتِنَا، أَوْ أَنَّهُ كَانَ مَعْهُودًا بَيْنَهُمْ ; لِعِلْمِهِمْ أَنَّ الْمُتَشَابِهَ مِمَّا اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ ; فَتَكُونُ اللَّامُ فِي التَّأْوِيلِ لِلْعَهْدِ.
وَعَنِ الثَّالِثِ: بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ ; الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ بِاللَّهِ وَمَعْرِفَتِهِ، وَأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إِلَى الْوُقُوفِ عَلَى كُنْهِ ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ لِغَيْرِهِ، كَمَا حُكِيَ عَنِ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: الْعَجْزُ عَنْ دَرْكِ الْإِدْرَاكِ إِدْرَاكٌ. وَقَالَ:
حَقِيقَةُ الْمَرْءِ لَيْسَ الْمَرْءُ يُدْرِكُهَا ... فَكَيْفَ كَيْفِيَّةُ الْجَبَّارِ فِي الْقِدَمِ
أَمَّا الْعَالِمُونَ بِحَمْلِ الْمُتَشَابِهِ عَلَى مَجَازِ كَلَامِ الْعَرَبِ ; فَلَيْسُوا بِرَاسِخِينَ، بَلْ لَيْتَهُمْ لَا يَكُونُونَ خَاسِرِينَ، إِذِ الْإِقْدَامُ عَلَى وَصْفِ الْبَارِئِ جَلَّ جَلَالُهُ بِمَا لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ، وَلَا دَلِيلَ قَاطِعٌ عَلَيْهِ - مَعَ إِمْكَانِ سُلُوكِ طَرِيقِ السَّلَامَةِ، بِالسُّكُوتِ وَالتَّسْلِيمِ وَالتَّفْوِيضِ - بَعِيدٌ عَنِ الْعِلْمِ فَضْلًا عَنِ الرُّسُوخِ فِيهِ. وَقَدْ أَطَلْتُ الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ; لِأَنَّهَا مِنَ الْأُصُولِ الْكِبَارِ، وَمَعَ ذَلِكَ ; هِيَ تَحْتَمِلُ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا.
قَوْلُهُ: «وَالْكَلَامُ فِيهَا مُسْتَقْصًى فِي» بُغْيَةِ السَّائِلِ «» ، هَذَا كِتَابٌ كُنْتُ صَنَّفْتُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute