للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ، وَالْخُصُوصِ وَالْعُمُومِ، كَمَا تَخْتَلِفُ الْعُلُومُ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا عَلِمْنَا صِدْقَ قَوْلِنَا: الْوَاحِدُ نِصْفُ الِاثْنَيْنِ بِضَرُورَةِ الْعَقْلِ، لَا لِكَوْنِ الْعِلْمِ بِمَاهِيَّةِ الْخَبَرِ بَدِيهِيًّا، حَتَّى لَوْ قُلْنَا: زَيْدٌ قَائِمٌ، لَمْ نَعْلَمْ صِدْقَ هَذَا الْخَبَرِ بِالضَّرُورَةِ، حَتَّى نَعْلَمَ مُطَابَقَتَهُ بِمُشَاهَدَةٍ أَوْ نَقْلٍ، وَإِذَا بَطَلَ كَوْنُ تَصَوَّرِ مَاهِيَّةِ الْخَبَرِ بَدِيهِيًّا ; وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَسْبِيًّا، وَطَرِيقُ اكْتِسَابِهِ الْحَدُّ، وَقَدْ قِيلَ فِي حَدِّهِ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا، وَهُوَ مَا تَطَرَّقَ إِلَيْهِ التَّصْدِيقُ وَالتَّكْذِيبُ، وَقِيلَ: مَا يَحْتَمِلُ التَّصْدِيقَ وَالتَّكْذِيبَ، وَأُورِدَ عَلَيْهِ أَنَّ التَّصْدِيقَ هُوَ الْإِخْبَارُ عَنْ كَوْنِ الْخَبَرِ صِدْقًا أَوْ كَذِبًا ; فَيَكُونُ تَعْرِيفًا لِلْخَبَرِ بِنَفْسِهِ، وَهُوَ دَوْرٌ.

قُلْتُ: هَذَا سُؤَالٌ قَوِيٌّ ; لِأَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: قَامَ زَيْدٌ، جُمْلَةٌ خَبَرِيَّةٌ، فَإِذَا قَالَ لَهُ السَّامِعُ: كَذَبْتَ أَوْ صَدَقْتَ ; فَقَدْ أَجَابَهُ بِجُمْلَةٍ خَبَرِيَّةٍ أَيْضًا، وَكِلَا الْجُمْلَتَيْنِ خَبَرٌ ; فَلَوْ عَرَّفْنَا الْأَوْلَى بِتَطَرُّقِ الثَّانِيَةِ إِلَيْهَا، عَرَّفْنَا الْخَبَرَ بِتَطَرُّقِ الْخَبَرِ عَلَيْهِ.

فَالْأَجْوَدُ إِذَنْ فِي تَعْرِيفِ الْخَبَرِ مَا ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ، وَهُوَ أَنَّ الْخَبَرَ: هُوَ اللَّفْظُ الدَّالُّ بِالْوَضْعِ عَلَى نِسْبَةِ مَعْلُومٍ إِلَى مَعْلُومٍ، أَوْ سَلْبِهَا عَنْهُ، مَعَ قَصْدِ الْمُتَكَلِّمِ بِهِ الدَّلَالَةَ عَلَى ذَلِكَ، عَلَى وَجْهٍ يَحْسُنُ السُّكُوتُ عَلَيْهِ.

وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: الْخَبَرُ: هُوَ الْمَوْضُوعُ لِلَفْظَيْنِ فَأَكْثَرَ، أُسْنِدَ مُسَمَّى أَحَدِهِمَا إِلَى مُسَمَّى الْآخَرِ إِسْنَادًا يَقْبَلُ التَّصْدِيقَ وَالتَّكْذِيبَ لِذَاتِهِ، نَحْوَ: زَيْدٌ قَامَ. وَذَكَرَ أَنَّهُ إِنَّمَا قَالَ: لِلَفْظَيْنِ فَأَكْثَرَ ; لِأَنَّ أَقَلَّ مَا يَتَرَكَّبُ مِنْهُ الْخَبَرُ لَفْظَانِ، نَحْوَ: زَيْدٌ قَائِمٌ، وَقَامَ

<<  <  ج: ص:  >  >>