. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْخَمْسِ» ، أَيْ: قَالُوا: لَا سَبِيلَ إِلَى إِدْرَاكِ عِلْمٍ مِنَ الْعُلُومِ إِلَّا بِإِحْدَى الْحَوَاسِّ الْخَمْسِ: السَّمْعِ، وَالْبَصَرِ، وَالشَّمِّ، وَالذَّوْقِ، وَاللَّمْسِ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: السُّمَنِيَّةُ - بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِ الْمِيمِ -: فِرْقَةٌ مِنْ عَبْدَةِ الْأَصْنَامِ، تَقُولُ بِالتَّنَاسُخِ، وَتُنْكِرُ وُقُوعَ الْعِلْمِ بِالْأَخْبَارِ. قَالَ: وَالْبَرَاهِمَةُ: قَوْمٌ لَا يُجَوِّزُونَ عَلَى اللَّهِ بِعْثَةَ الرُّسُلِ.
قُلْتُ: إِنَّمَا ذَكَرْتُ هَذَا ; لِأَنِّي سَمِعْتُ كَثِيرًا مِنْ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ الْأُصُولِيِّينَ، بَلْ وَخَاصَّتِهِمْ، يَقُولُونَ: السَّمْنِيَّةُ - بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الْمِيمِ - وَيَعْتَقِدُونَهَا نِسْبَةً إِلَى السَّمْنِ الْمَأْكُولِ. وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: السَّمَّنِيَّةُ - بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِهَا - وَلَيْسَ فِيهَا تَشْدِيدٌ.
قَوْلُهُ: «لَنَا» ، إِلَى آخِرِهِ، هَذَا دَلِيلٌ عَلَى إِفَادَةِ التَّوَاتُرِ الْعِلْمَ.
وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ الْقَطْعَ حَاصِلٌ لَنَا بِوُجُودِ الْبُلْدَانِ وَالْأَقَالِيمِ النَّائِيَةِ، كَمَكَّةَ، وَمِصْرَ، وَبَغْدَادَ، وَالْهِنْدِ، وَالصِّينِ، وَبِوُجُودِ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ، كَأُمَّةِ نُوحٍ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَهُودٍ، وَصَالِحٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَكْثُرُ، وَحُصُولُ الْعِلْمِ بِذَلِكَ، لَا مِنْ جِهَةِ الْحِسِّ وَلَا الْعَقْلِ، إِنَّمَا هُوَ بِالتَّوَاتُرِ ; فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يُفِيدُ الْعِلْمَ.
قَوْلُهُ: «وَأَيْضًا الْمُدْرَكَاتُ الْعَقْلِيَّةُ كَثِيرَةٌ» ، إِلَى آخِرِهِ، هَذَا دَلِيلٌ عَلَى إِبْطَالِ حَصْرِهِمْ مَدَارِكَ الْعِلْمِ فِي الْحَوَاسِّ الْخَمْسِ.
وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ الْأَشْيَاءَ الَّتِي تُدْرَكُ بِالْعَقْلِ كَثِيرَةٌ، وَمِنَ الْمُدْرَكَاتِ الْعَقْلِيَّةِ حَصْرُكُمُ الْمَذْكُورُ، أَيْ: حَصْرُكُمْ لِمَدَارِكِ الْعِلْمِ فِي الْحَوَاسِّ الْخَمْسِ ; لِأَنَّكُمْ إِنَّمَا قَرَّرْتُمُوهُ وَأَدْرَكْتُمُوهُ عَقْلًا. فَنَقُولُ: هَذَا الْحَصْرُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا لَكُمْ، أَوْ غَيْرَ مَعْلُومٍ، فَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا لَكُمْ، بِطُلَ قَوْلُكُمْ: إِنَّ مَدَارِكَ الْعِلْمِ مَحْصُورَةٌ فِي الْحَوَاسِّ ; لِأَنَّ هَذَا عِلْمٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute