للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إِيجَادِ الْعِلْمِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ مُرْتَبِطًا بِهِ ; حَتَّى يُقَدَّرَ مَا يَحْصُلُ بِهِ مِنَ الْعَدَدِ بِمِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ.

قَوْلُهُ: «نَعَمْ لَوْ أَمْكَنَ الْوُقُوفُ» ، إِلَى آخِرِهِ مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ: أَنَّ الْعَدَدَ الْمُحَصِّلَ لِلْعِلْمِ التَّوَاتُرِيِّ غَيْرُ مُقَدَّرٍ كَمَا ذَكَرْنَا، لَكِنْ إِذَا خَلَقَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْعِلْمَ عِنْدَ عَدَدٍ مَا ; فَالْوُقُوفُ عَلَى مِقْدَارِ ذَلِكَ الْعَدَدِ مُمْكِنٌ فِي نَفْسِهِ لَيْسَ مُحَالًا ; لَكِنَّا لَا نَقْدِرُ عَلَى الْوُقُوفِ عَلَيْهِ لِعُسْرِهِ وَمَشَقَّتِهِ ; لَا لِامْتِنَاعِهِ وَاسْتِحَالَتِهِ، «فَلَوْ أَمْكَنَ الْوُقُوفُ عَلَى حَقِيقَةِ اللَّحْظَةِ الَّتِي يَحْصُلُ لَنَا الْعِلْمُ بِالْمُخْبَرِ عَنْهُ فِيهَا» ، لَأَمْكَنَنَا أَنْ نَعْرِفَ «أَقَلَّ قَدْرٍ يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِخَبَرِهِ، لَكِنَّ ذَلِكَ مُتَعَذِّرٌ» ، لِمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ وَهَاهُنَا، مِنْ أَنَّ الظَّنَّ يَتَزَايَدُ بِزِيَادَةِ الْمُخْبِرِينَ تَزَايُدًا خَفِيًّا تَدْرِيجِيًّا، أَيْ: عَلَى التَّدْرِيجِ شَيْئًا يَسِيرًا بَعْدَ شَيْءٍ يَسِيرٍ، «كَتَزَايُدِ النَّبَاتِ، وَعَقْلِ الصَّبِيِّ، وَنُمُوِّ بَدَنِهِ» ، وَأَبْدَانِ سَائِرِ الْحَيَوَانِ، «وَضَوْءِ الصُّبْحِ، وَحَرَكَةِ الْفَيْءِ» لِخَفَاءِ حَرَكَةِ الشَّمْسِ فِي فَلَكِهَا لِبُعْدِهَا ; فَكَذَلِكَ الظَّنُّ، يَتَحَرَّكُ بِأَوَّلِ مُخْبِرٍ، ثُمَّ يَزِيدُ بِالثَّانِي، وَالثَّالِثِ، وَهَلُمَّ جَرًّا، حَتَّى يَحْصُلَ الْعِلْمُ ; فَلَوْ حَصَلَ الْعِلْمُ مَثَلًا بِإِخْبَارِ الْخَامِسِ، وَأَمْكَنَنَا أَنَّ نُدْرِكَ ذَلِكَ، عَلِمْنَا أَنَّ هَذِهِ الْخَمْسَةَ قَدْ أَفَادَتِ الْعِلْمَ، أَوْ بِإِخْبَارِ السَّادِسِ، أَوِ السَّابِعِ فَصَاعِدًا ; فَكَذَلِكَ.

وَاعْلَمْ أَنَّ فِي قَوْلِنَا هَذَا فِي «الْمُخْتَصِرِ» نَظَرًا، وَذَلِكَ لِأَنَّا إِذَا قُلْنَا: إِنَّ الْعِلْمَ يَخْلُقُهُ اللَّهُ تَعَالَى عِنْدَ إِخْبَارِ الْمُخْبِرِينَ ; لَمْ يَلْزَمْ مِنْ وُقُوفِنَا عَلَى حَقِيقَةِ اللَّحْظَةِ الَّتِي يَحْصُلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>