للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

قُلْتُ: الْجَوَابُ عَنِ التَّوْجِيهِ الْمَذْكُورِ: أَنَّهُ - فِيمَا أَحْسِبُ - مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعِلْمَ التَّوَاتُرِيَّ حَاصِلٌ عَنْ خَبَرِ التَّوَاتُرِ عَلَى جِهَةِ التَّوَلُّدِ ; فَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَتَوَلَّدَ الْعِلْمُ فِي مَحَلِّ نَقِيضِهِ أَوْ ضِدَّهُ، وَنَحْنُ قَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ الْإِخْبَارِ، وَحِينَئِذٍ نَقُولُ: كَمَا جَازَ أَنْ يَخْلُقَهُ مَعَ عَدَمِ وُجُودِ نَقِيضِهِ، جَازَ أَنْ يَخْلُقَهُ مَعَ وُجُودِ نَقِيضِهِ فِي الْقَلْبِ، وَيَجْعَلَ لَهُ مِنَ الْقُوَّةِ مَا يَدْفَعُ النَّقِيضَ، وَيَسْتَقِرُّ هُوَ مَكَانَهُ، كَمَا يَدْفَعُ الْيَقِينُ الشَّكَّ وَالظَّنَّ، خُصُوصًا وَالِاعْتِقَادُ أَضْعَفُ مِنَ الْعِلْمِ التَّوَاتُرِيِّ عَلَى مَا لَا يَخْفَى ; فَيَقْوَى الْعِلْمُ عَلَى رَفْعِهِ، وَكَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ فِي الْمَحْسُوسَاتِ، فَإِنَّ الْمَلِكَ الْغَرِيبَ الْقَوِيَّ يَأْتِي مَلِكَ بَعْضِ الْأَقَالِيمِ فِي مَمْلَكَتِهِ وَجُنُودِهِ وَحُصُونِهِ ; فَيُخْرِجُهُ مِنْهَا، وَيَخْلُفُهُ فِيهَا، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} {وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ} {كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الشُّعَرَاءِ: ٥٧ - ٥٩] ، وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} [النَّمْلِ: ٣٤] ، وَلِأَنَّ الْكُفْرَ وَالْإِيمَانَ مُتَنَاقِضَانِ، وَإِنَّمَا يَصْدُرَانِ عَنِ اعْتِقَادِ صِحَّتِهِمَا، ثُمَّ قَدْ جَازَ بِالضَّرُورَةِ انْدِفَاعُ الْكُفْرِ بِالْإِيمَانِ، وَانْدِفَاعُ الْإِيمَانِ بِالْكُفْرِ، مَعَ اسْتِوَائِهِمَا فِي كَوْنِهِمَا صَادِرَيْنِ عَنِ اعْتِقَادٍ ; فَانْدِفَاعُ نَقِيضِ الْمُخْبَرِ بِهِ بِالْعِلْمِ التَّوَاتُرِيِّ أَوْلَى.

وَالْجَوَابُ عَنِ الْفَائِدَةِ الْمَذْكُورَةِ: هُوَ أَنَّ الْحَقَّ أَنَّ النَّصَّ الْجَلِيَّ لَمْ يُوجَدْ، لَا عَلَى أَبِي بَكْرٍ، وَلَا عَلَى عَلِيٍّ، إِذْ لَوْ وَقَعَ ذَلِكَ، اسْتَحَالَ فِي الْعَادَةِ خَفَاؤُهُ، إِذْ كَانَ مِنَ الْوَقَائِعِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهَا، وَإِنَّمَا وَقَعَ فِي ذَلِكَ آحَادٌ، مِنْهَا ظَاهِرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>