. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْعَادَةَ بِذَلِكَ ; فَإِنَّا نَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي حُصُولِ الْعِلْمِ بِمَكَّةَ وَبَغْدَادَ، وَمُوسَى وَفِرْعَوْنَ وَكِسْرَى وَقَيْصَرَ، وَفَتْحِ مَكَّةَ وَعْكَةَ، وَغَيْرِهَا مِنَ الْقَضَايَا التَّوَاتُرِيَّةِ، بَيْنَ مَنْ كَانَ يَعْتَقِدُ نَقِيضَ ذَلِكَ لَوْ تَصَوَّرَ، وَمَنْ لَا يَعْتَقِدُهُ، لَكِنَّ هَذَا مَحَلُّ النِّزَاعِ ; فَلِلْخَصْمِ أَنْ يَمْنَعَهُ.
وَقَالَ الْمُرْتَضَى مِنَ الشِّيعَةِ: إِنَّ عَدَمَ اعْتِقَادِ السَّامِعِ نَقِيضَ الْمُخْبَرِ بِهِ شَرْطٌ فِي إِفَادَةِ التَّوَاتُرِ الْعِلْمَ. وَلِقَوْلِهِ تَوْجِيهٌ وَفَائِدَةٌ.
أَمَّا تَوْجِيهُهُ: فَهُوَ أَنَّ الْقَلْبَ مَحَلُّ الْعِلْمِ، فَإِذَا اسْتَقَرَّ فِيهِ نَقِيضُ الْمُخْبَرِ بِهِ، جَاءَ الْمُخْبَرُ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ دَخِيلًا عَلَيْهِ، ضَعِيفًا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ ; فَلَا يَقْوَى عَلَى دَفْعِهِ، وَلَا يُمْكِنُهُ الِاجْتِمَاعُ مَعَ نَقِيضِهِ ; فَيَرْجِعُ مَكْسُورًا، وَيَبْقَى نَقِيضُهُ مُسْتَوْلِيًا عَلَى مَحَلِّ الْعِلْمِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ الْقَلْبُ خَالِيًا مِنْ نَقِيضِ الْمُخْبَرِ بِهِ ; فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يُصَادِفُ مَحَلًّا فَارِغًا، لَا مُنَازِعَ فِيهِ، وَلَا مُمَانِعَ عَنْهُ ; فَيَسْتَقِرُّ فِيهِ، وَفِي مِثْلِ هَذَا يَقُولُ الشَّاعِرُ:
دَهَانِي هَوَاهَا قَبْلَ أَنْ أَعْرِفَ الْهَوَى ... فَصَادَفَ قَلْبًا فَارِغًا فَتَمَكَّنَّا
وَأَمَّا فَائِدَةُ قَوْلِهِ فَهُوَ: أَنَّ الشِّيعَةَ يَدَّعُونَ النَّصَّ الْمُتَوَاتِرَ عَلَى إِمَامَةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَإِنَّمَا مَنَعَ الْجُمْهُورَ مِنْ حُصُولِ الْعِلْمِ بِهِ اعْتِقَادُهُمْ لِنَقِيضِهِ، وَهُوَ إِمَامَةُ أَبِي بَكْرٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute