للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَإِنَّمَا مَنَعَ الشِّيعَةَ مِنْ حُصُولِ الْعِلْمِ اعْتِقَادُهُمْ لِنَقِيضِهِ، وَهُوَ إِمَامَةُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَلَيْسَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ ; فَلَا يَبْقَى حِينَئِذٍ لِقَوْلِ الْمُرْتَضَى تَوْجِيهٌ وَلَا فَائِدَةٌ، وَلِذَلِكَ اشْتَرَطَتِ الشِّيعَةُ، وَابْنُ الرَّاوَنْدِيِّ أَنْ يَكُونَ فِي الْمُخْبِرِينَ الْإِمَامُ الْمَعْصُومُ، لِيَكُونَ خَبَرُهُمْ مَعْصُومًا مِنَ الْخَطَأِ، وَهُوَ بَاطِلٌ.

أَمَّا أَوَّلًا: فَلِأَنَّهُمْ مُنَازِعُونَ فِي وُجُودِ الْعِصْمَةِ فِي غَيْرِ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّسُلِ.

وَأَمَا ثَانِيًا: فَلِأَنَّ عِصْمَةَ خَبَرِهِمْ مِنَ الْكَذِبِ مُسْتَنِدَةٌ إِلَى كَثْرَتِهِمْ، لَا إِلَى أَوْصَافِهِمْ، وَإِلَّا لَاشْتَرَطَتِ الْعَدَالَةَ وَالْإِسْلَامَ، وَلِأَنَّ الْعِلْمَ مَخْلُوقٌ لِلَّهِ تَعَالَى، مُقَارِنًا لِلْإِخْبَارِ ; فَكَمَا جَازَ خَلْقُهُ مَعَ إِخْبَارِ الْمَعْصُومِ، جَازَ خَلْقُهُ مَعَ إِخْبَارِ الْمَوْصُومِ.

ثُمَّ يَلْزَمُهُمْ أَنْ لَا يُوجَدَ فِي بِلَادِ الْكُفْرِ تَوَاتُرٌ، إِذْ لَا مَعْصُومَ فِيهِمْ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ لَا يَشْتَرِطُوا لِلْعِصْمَةِ الْإِسْلَامَ، فَإِنَّ عُقُولَهُمْ أَسْخَفُ مِنْ هَذَا.

قَوْلُهُ: «وَكِتْمَانُ أَهْلِ التَّوَاتُرِ مَا يُحْتَاجُ إِلَى نَقْلِهِ مُمْتَنِعٌ خِلَافًا لِلْإِمَامِيَّةِ» ، أَيْ: إِنَّ أَهْلَ التَّوَاتُرِ - وَهُوَ الْعَدَدُ الَّذِي يَحْصُلُ الْعِلْمُ التَّوَاتُرِيُّ بِخَبَرِهِمْ - هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكْتُمُوا مَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إِلَى نَقْلِهِ؟

فَالْجُمْهُورُ قَالُوا: لَا يَجُوزُ.

وَقَالَتِ الْإِمَامِيَّةُ - وَهُمْ أَشْهَرُ طَوَائِفِ الشِّيعَةِ -: يَجُوزُ ذَلِكَ، لِاعْتِقَادِهِمْ كِتْمَانَ النَّصِّ عَلَى إِمَامَةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَيْ: لِأَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مَعَ كَثْرَتِهِمْ - كَتَمُوا النَّصَّ عَلَى إِمَامَةِ عَلِيٍّ، وَالْوُقُوعُ يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ قَطْعًا.

«لَنَا» : أَنَّ كِتْمَانَهُمْ لِمَا يُحْتَاجُ إِلَى نَقْلِهِ «كَتَوَاطُئِهِمْ عَلَى الْكَذِبِ» وَتَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ بِكِتْمَانِهِمْ لِمَا يُحْتَاجُ إِلَى نَقْلِهِ مُحَالٌ.

أَمَّا الْأُولَى: فَلِأَنَّ كِتْمَانَ الْوَاقِعِ - خُصُوصًا مَعَ الْحَاجَةِ إِلَى نَقْلِهِ - بِمَثَابَةِ قَوْلِهِمْ:

<<  <  ج: ص:  >  >>