. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عَنِّي وَعَنْ رَسُولِي عَلَى أَلْسِنَةِ الْآحَادِ. وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ، الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْأُصُولِيِّينَ، خِلَافًا لِلْجُبَّائِيِّ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ.
قَوْلُهُ: «لَنَا: أَنَّ فِي الْعَمَلِ بِهِ دَفْعَ ضَرَرٍ مَظْنُونٍ» ، إِلَى آخِرِهِ: هَذِهِ حُجَّةُ الْقَائِلِينَ بِجَوَازِ التَّعَبُّدِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ عَقْلًا، وَهِيَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ فِي الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ دَفْعُ ضَرَرٍ مَظْنُونٍ؛ لِأَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ يُفِيدُ الظَّنَّ بِمُقْتَضَاهُ، فَإِذَا وَرَدَ بِإِيجَابِ شَيْءٍ أَوْ حَظْرِهِ، حَصَلَ لَنَا الظَّنُّ بِأَنَّا مُعَاقَبُونَ عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ، وَفِعْلِ الْمَحْظُورِ؛ فَالْعِقَابُ عَلَيْهَا ضَرَرٌ مَظْنُونٌ؛ فَفِي عَمَلِنَا بِذَلِكَ الْخَبَرِ دَفْعُ هَذَا الضَّرَرِ الْمَظْنُونِ.
وَأَمَّا أَنَّ دَفْعَ الضَّرَرِ الْمَظْنُونِ وَاجِبٌ عَقْلًا؛ فَمِمَّا لَا يُنَازِعُ فِيهِ عَاقِلٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ أَخْذًا بِالِاحْتِيَاطِ لِلنَّفْسِ، وَالِاحْتِيَاطُ لِلنَّفْسِ وَاجِبٌ عَقْلًا بِالضَّرُورَةِ، وَلِأَنَّا إِذَا عَرَضْنَا عَلَى الْعَقْلِ أَنَّ بِتَقْرِيرِ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ تَسْلَمُ النَّفْسُ مِنْ عَذَابٍ مَظْنُونٍ، وَبِتَقْدِيرِ عَدَمِ الْوُضُوءِ مِنْهُ يَلْحَقُهَا عَذَابٌ مَظْنُونٌ، دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَيْلٌ لِلَّذِينِ يَمَسُّونَ فُرُوجَهُمْ ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يُحْدِثُونَ لِذَلِكَ وُضُوءًا. أَوْ قُلْنَا لَهُ: أَيُّ الْأَمْرَيْنِ عِنْدَكَ أَرْجَحُ؟ الْوُضُوءُ أَوْ عَدَمُهُ؟ وَالْحَالَةُ هَذِهِ؛ فَإِنَّهُ إِنَّمَا يُرَجَّحُ الْوُضُوءُ جَزْمًا؛ فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ الْعَمَلَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ جَائِزٌ عَقْلًا، بَلْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute