للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَاجِبٌ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: لَوْ لَمْ يَجِبِ الْعَمَلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ؛ لَتَعَطَّلَ أَكْثَرُ الْوَقَائِعِ عَنِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ؛ لَكِنَّ تَعَطُّلَ أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ لَا يَجُوزُ؛ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ جَائِزًا.

أَمَّا الْمُلَازَمَةُ: فَلِأَنَّهُ لَوِ امْتَنَعَ الْعَمَلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ لِتَوَقُّفِ الْعَمَلِ فِي الْوَقَائِعِ عَلَى الْقَوَاطِعِ، لَخَلَتْ أَكْثَرُ الْوَقَائِعِ عَنِ الْأَحْكَامِ؛ لِأَنَّ قَوَاطِعَ الشَّرْعِ نَادِرَةٌ؛ فَلَا تَفِي بِجَمِيعِ الْوَقَائِعِ.

وَأَمَّا أَنَّ تَعَطُّلَ أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ لَا يَجُوزُ؛ فَلِأَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ مُقْتَضَى الشَّرْعِ وَمَقْصُودِهِ، إِذْ مُقْتَضَى الشَّرْعِ وَمَقْصُودُ الشَّارِعِ تَعْمِيمُ الْوَقَائِعِ بِالْأَحْكَامِ؛ لِيَكُونَ نَامُوسُهُ قَائِمًا ظَاهِرًا فِي كُلِّيِّهَا وَجُزْئِيِّهَا، وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ بِالتَّعَبُّدِ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ؛ لِأَنَّهَا وَرَدَتْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْجُزْئِيَّاتِ، وَبَاقِيهَا عَمَّمْنَاهَا بِالْأَحْكَامِ، بِالْقِيَاسِ عَلَى مَوَارِدِ النُّصُوصِ بِهَذَا الدَّلِيلِ بِعَيْنِهِ، كَمَا بَيَّنَاهُ فِي الْقِيَاسِ، عَلَى مَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «مَبْعُوثٌ إِلَى الْكَفَّةِ» ، أَيْ: إِلَى كَافَّةِ النَّاسِ بِالْإِجْمَاعِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [سَبَأٍ: ٢٨] ، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الْأَنْبِيَاءِ: ١٠٧] ، وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: بُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، بُعِثْتُ إِلَى الْأَسْوَدِ وَالْأَحْمَرِ. وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ مَبْعُوثٌ إِلَى جَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ؛ فَإِبْلَاغُهُ إِلَيْهِمُ الْأَحْكَامَ الْعِلْمِيَّةَ إِمَّا تَوَاتُرٌ، أَوْ آحَادٌ، لَكِنَّ التَّوَاتُرَ مُتَعَذِّرٌ،

<<  <  ج: ص:  >  >>