للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الرَّسُولِ الْأَحْكَامَ إِلَى الْكَافَّةِ بِالتَّوَاتُرِ مُتَعَذِّرٌ؛ فَتَتَعَيَّنُ الْآحَادُ - بِأَنْ قَالَ: «الرَّسُولُ إِنَّمَا كُلِّفَ إِبْلَاغَ مَنْ أَمْكَنَهُ إِبْلَاغُهُ، دُونَ غَيْرِهِ» ، مِمَّنْ لَا يُمْكِنُهُ إِبْلَاغُهُ، كَأَهْلِ الْجَزَائِرِ وَنَحْوِهَا.

قَوْلُهُ: «وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ نَصْبَ الشَّارِعِ عِلْمًا ظَنِّيًّا عَلَى وُجُوبِ فِعْلٍ تَكْلِيفِيٍّ جَائِزٍ بِالضَّرُورَةِ» ، أَيِ: الدَّلِيلُ الْمُعْتَمَدُ - أَيِ الَّذِي يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي إِثْبَاتِ هَذَا الْمَطْلُوبِ - هُوَ: أَنَّا نَعْلَمُ جَوَازَ أَنَّ الشَّارِعَ يَنْصُبُ عَلَمًا - أَيْ: مُعَرَّفًا ظَنِّيًّا، أَيْ يُفِيدُ الظَّنَّ - عَلَى وُجُوبِ فِعْلٍ تَكْلِيفِيٍّ، أَيْ: مِنْ أَفْعَالِ التَّكْلِيفِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّ هَذَا جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ بِالضَّرُورَةِ لَا يَلْزَمُ مِنْ فَرْضِ وُقُوعِهِ مُحَالٌ لِذَاتِهِ. وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي الشَّرْعِ كَثِيرًا، وَلَا يَقَعُ فِي الشَّرْعِ إِلَّا مَا يَجُوزُ فِي الْعَقْلِ، إِذْ مَا يَمْتَنِعُ فِي الْعَقْلِ يَسْتَحِيلُ وُقُوعُهُ مُطْلَقًا.

قَوْلُهُ: «ثُمَّ الْمُنْكِرُ إِنْ أَقَرَّ بِالشَّرْعِ» إِلَى آخِرِهِ أَيْ: ثُمَّ بَعْدَ إِقَامَةِ الدَّلِيلِ عَلَى جَوَازِ التَّعَبُّدِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ عَقْلًا، نَقُولُ: لِهَذَا الْمُنْكِرِ لِجَوَازِ التَّعَبُّدِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ: إِمَّا أَنْ يُقِرَّ بِالشَّرْعِ وَصِحَّةِ أَحْكَامِهِ الْوَارِدَةِ فِيهِ، أَوْ لَا، فَإِنْ أَقَرَّ بِالشَّرْعِ؛ فَمَا وَرَدَ فِيهِ مِنَ التَّعَبُّدَاتِ الظَّنِّيَّةِ يَنْقُضُ قَوْلَهُ، كَالْحُكْمِ بِالْفُتْيَا، وَالشَّهَادَةِ، وَالِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ إِذَا اشْتَبَهَتْ جِهَتُهَا فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ، وَنَحْوِهَا مِنَ الْأَمَارَاتِ الشَّرْعِيَّةِ، فَإِنَّ جَمِيعَهَا إِنَّمَا يُفِيدُ الظَّنَّ، وَقَدْ وَقَعَ التَّعَبُّدُ بِهِ؛ فَمَا الْمَانِعُ مِنَ التَّعَبُّدِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُفِيدُ إِلَّا الظَّنَّ؟ وَإِنْ كَانَ هَذَا الْمُنْكِرُ لَا يُقِرُّ بِالشَّرْعِ؛ فَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>