. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«سَمْعًا» ، أَيْ: مِنْ جِهَةِ السَّمْعِ، أَيْ: دَلَّ السَّمْعُ، وَهُوَ دَلِيلُ الشَّرْعِ، عَلَى جَوَازِهِ، «خِلَافًا لِبَعْضِ الْقَدَرِيَّةِ» ، وَهُمْ أَكْثَرُهُمْ، وَبَعْضِ «الظَّاهِرِيَّةِ» عَلَى مَا نَقَلَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ.
وَفِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ، وَهُوَ أَنَّ الْقَائِلِينَ بِجَوَازِ التَّعَبُّدِ بِهِ عَقْلًا، مِنْهُمْ مَنْ نَفَى كَوْنَهُ حُجَّةً شَرْعًا، كَالشِّيعَةِ، وَالْقَاشَانِيِّ، وَابْنِ دَاوُدَ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَثْبَتَ ذَلِكَ. ثُمَّ هَؤُلَاءِ اتَّفَقُوا عَلَى دَلَالَةِ دَلِيلِ السَّمْعِ عَلَيْهِ، وَاخْتَلَفُوا فِي دَلَالَةِ الْعَقْلِ عَلَيْهِ؛ فَأَثْبَتَهُ أَحْمَدُ وَالْقَفَّالُ وَابْنُ سُرَيْجٍ، وَنَفَاهُ الْبَاقُونَ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ: هُوَ حُجَّةٌ فِيمَا لَا يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ، وَاخْتَارَ الْآمِدِيُّ أَنَّهُ حُجَّةٌ مُطْلَقًا، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي «الْمُخْتَصَرِ» ، وَعَلَيْهِ النَّظَرُ.
«لَنَا» عَلَى جَوَازِ التَّعَبُّدِ بِهِ سَمْعًا «وُجُوهٌ» :
الْأُولَى: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثَبَتَ عَنْهُ بِالتَّوَاتُرِ أَنَّهُ كَانَ يُبَلِّغُ الْأَحْكَامَ إِلَى الْبِلَادِ عَلَى أَلْسِنَةِ الْآحَادِ، فَلَوْ لَمْ يَجُزِ التَّعَبُّدُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ سَمْعًا، «لَكَانَ تَبْلِيغُ الْأَحْكَامِ عَلَى أَلْسِنَةِ الْآحَادِ عَبَثًا» ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفِيدٍ «وَاللَّازِمُ» وَهُوَ الْعَبَثُ مِنَ الشَّارِعِ «بَاطِلٌ» لِأَنَّ حُكْمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هُوَ حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَزَّهَ نَفْسَهُ عَنِ الْعَبَثِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا} إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ} [الْمُؤْمِنُونَ: ١١٥ - ١١٦] ، أَيْ: عَنِ الْعَبَثِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute