للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كَوْنِهَا آحَادًا» ؛ فَقَدْ صَارَ مَا احْتَجَّ بِهِ الْخَصْمُ حُجَّةً عَلَيْهِ.

وَبَيَانُ وَجُوهِ الْمُوجِبِ لِلتَّوَقُّفِ فِي الْأَخْبَارِ الْمَذْكُورَةِ.

أَمَّا خَبَرُ ذِي الْيَدَيْنِ، فَإِنَّ النَّاسَ كَانُوا كَثِيرِينَ خَلْفَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِيهِمْ مَنْ هُوَ أَضْبَطُ لِأَفْعَالِ الصَّلَاةِ مِنْ ذِي الْيَدَيْنِ، وَأَحْرَصُ عَلَى كَمَالِهَا وَدَفْعِ النَّقْصِ عَنْهَا؛ فَكَانَ تَنْبِيهُهُ لِوُقُوعِ النَّقْصِ فِيهَا دُونَهُمْ بَعِيدًا فِي الْعَادَةِ؛ فَلِذَلِكَ تَوَقَّفَ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى وَافَقَهُ النَّاسُ.

وَأَمَّا خَبَرُ الْمُغِيرَةِ فِي الْجَدَّةِ؛ فَلِلتَّوَقُّفِ فِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُغِيرَةَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ غَيْرَ مُتَمَاسِكٍ تَمَاسُكَ غَيْرِهِ مِنَ الْعَرَبِ، وَشُهِدَ عَلَيْهِ بِالزِّنَى فِي زَمَنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ إِلَّا رَجْمَهُ؛ فَلَعَلَّ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَفَرَّسَ فِيهِ نَوْعَ ضَعْفٍ أَوْ تُهْمَةٍ؛ فَتَوَقَّفَ فِي خَبَرِهِ لِأَجْلِهِ، حَتَّى وَافَقَهُ آخَرُ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الصِّدِّيقَ لَعَلَّهُ غَلَّبَ فِي خَبَرِهِ مَعْنَى الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَالِ، مِنْ حَيْثُ كَانَ الثَّابِتُ بِهِ مَالًا، خُصُوصًا وَهُوَ يُثْبِتُ حُكْمًا مُؤَبَّدًا، لَا ذِكْرَ لَهُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَهُوَ مِيرَاثُ الْجَدَّةِ؛ فَكَانَ ذَلِكَ مُنَاسِبًا، بَلْ مُوجِبًا لِلتَّوَقُّفِ.

وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي مُوسَى: فَإِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ شَدِيدَ الْحِرَاسَةِ لِلسُّنَّةِ، وَالصِّيَانَةِ لَهَا عَنْ دُخُولِ مَا لَيْسَ مِنْهَا فِيهَا، وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ شَدِيدَ الْخِبْرَةِ بِأَحَادِيثِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يُفَارِقُهُ؛ إِمَّا بِنَفْسِهِ، أَوْ بِنَائِبِهِ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْهُ، ثُمَّ إِنَّهُ سَمِعَ مَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمْهُ؛ فَأَحَبَّ الِاحْتِيَاطَ لِذَلِكَ، وَلِهَذَا قَالَ: مَا كُنْتُ عَلِمْتُ بِهَذَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>