للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَأَمَّا حَدِيثُ مَعْقِلٍ فَتَضَمَّنَ أَحْكَامًا، مِنْهَا: الصَّدَاقُ، وَهُوَ حَقٌّ مَالِيٌّ؛ فَلَعَلَّهُ غَلَّبَ فِيهِ الشَّهَادَةَ.

وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: فَإِنَّمَا رَدَّتْهُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مِنْ حَيْثُ الْوَهْمِ، لَا مِنْ حَيْثُ الْكَذِبِ وَالضَّعْفِ، وَلِهَذَا قَالَتْ: يَرْحَمُهُ اللَّهُ، لَمْ يَكْذِبْ وَلَكِنَّهُ وَهِمَ.

وَكَذَلِكَ رَوَتْ عَمْرَةُ أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ، وَذُكِرَ لَهَا أَنَّ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ؛ فَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: غَفَرَ اللَّهُ لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ، وَلَكِنَّهُ نَسِيَ أَوْ أَخْطَأَ، إِنَّمَا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى يَهُودِيَّةٍ يُبْكَى عَلَيْهَا؛ فَقَالَ: إِنَّهُمْ لَيَبْكُونَ عَلَيْهَا، وَإِنَّهَا لَتُعَذَّبُ فِي قَبْرِهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ. فَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ رَدَّ هَذِهِ الْأَخْبَارِ، لِهَذِهِ الْمَعَانِي الَّتِي اخْتُصَّتْ بِهَا، لَا يَقْدَحُ فِي الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ.

الْوَجْهُ «الثَّالِثُ» : مِنْ أَصْلِ الدَّلِيلِ فِي الْمَسْأَلَةِ.

وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ قَوْلَ الْمُفْتِي يَجِبُ قَبُولُهُ فِيمَا يُخْبِرُ بِهِ عَنْ ظَنِّهِ أَنَّ مَا أَفْتَى بِهِ حُكْمُ اللَّهِ، بِحَسْبِ اجْتِهَادِهِ بِالْإِجْمَاعِ، أَيْ: يَجِبُ قَبُولُهُ بِالْإِجْمَاعِ؛ فَلْيَجِبْ قَبُولُ قَوْلِ الرَّاوِي فِيمَا يُخْبِرُ بِهِ عَنِ السَّمَاعِ مِمَّنْ فَوْقَهُ، وَالْجَامِعُ بَيْنَ فُتْيَا الْمُفْتِي، وَخَبَرِ الْوَاحِدِ حُصُولُ الظَّنِّ فِيهِمَا.

أَمَّا فِي الْفُتْيَا؛ فَلِأَنَّهُ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّ الْمُفْتِي وَالْمُسْتَفْتِي أَنَّ مَا أَفْتَى بِهِ حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>