للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أَمَّا وَجْهُ كَوْنِهِ مَظْنُونًا؛ فَمِنْ جِهَةِ أَنَّهُ قَلَّدَ فِي شُرْبِهِ إِمَامًا مُجْتَهِدًا، يَسْتَنِدُ فِي إِبَاحَتِهِ إِلَى شُبْهَةٍ، إِنْ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً؛ فَيَمْتَنِعُ مَعَ ذَلِكَ الْقَطْعُ بِفِسْقِهِ، وَقَدْ كَانَ هَذَا يَقْتَضِي أَنْ لَا يُحَدَّ أَيْضًا، وَإِنَّمَا حَدَدْنَاهُ؛ لِأَنَّ الْحُدُودَ وُضِعَتْ لِدَرْءِ الْمَفَاسِدِ، وَإِنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِهَا الْعِصْيَانُ؛ فَحَدَدْنَاهُ دَفْعًا لِمَفْسَدَةِ فَسَادِ الْعَقْلِ، وَقَبِلْنَا شَهَادَتَهُ لِعَدَمِ عِصْيَانِهِ.

وَوَجْهُ كَوْنِهِ مَقْطُوعًا بِهِ، هُوَ أَنَّ مُدْرِكَ تَحْرِيمِ النَّبِيذِ: قَوِيَ، حَتَّى صَارَ خِلَافُهُ فِي الشَّرْعِيَّاتِ كَالسَّفْسَطَةِ فِي الْعَقْلِيَّاتِ؛ فَشَارِبُ النَّبِيذِ خَالَفَ النَّصَّ الْمُرْضِي، وَالْقِيَاسَ الْجَلِيَّ، وَالْقَانُونَ الْكُلِّيَّ.

أَمَّا النَّصُّ: فَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ. وَمَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ؛ فَمِلْءُ الْكَفِّ مِنْهُ حَرَامٌ. وَهِيَ نُصُوصٌ صَحِيحَةٌ.

وَأَمَّا الْقِيَاسُ الْجَلِيُّ: فَقِيَاسُ النَّبِيذِ عَلَى الْخَمْرِ.

وَأَمَّا الْقَانُونُ الْكُلِّيُّ: فَإِنَّ قَاعِدَةَ الشَّرْعِ سَدُّ الذَّرَائِعِ، حَتَّى حَرَّمَ الْقَطْرَةَ مِنَ الْخَمْرِ، وَإِنْ لَمْ تُسْكِرْ، لِكَوْنِهَا ذَرِيعَةً إِلَى مَا يُسْكِرُ، وَالنَّبِيذُ ذَرِيعَةٌ إِلَى الْخَمْرِ؛ فَيَجِبُ الْقَوْلُ بِتَحْرِيمِهِ.

وَأَمَّا تَقْلِيدُهُ فِي شُرْبِهِ لِإِمَامٍ مُجْتَهِدٍ؛ فَلَا يَنْفَعُهُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يُنْقَضُ بِمُخَالَفَةِ النَّصِّ وَالْقِيَاسِ الْجَلِيِّ، وَلَا يُقَرُّ الْحُكْمُ مَعَ تَأَكُّدِهِ؛ فَأَنْ لَا يُقَرَّ قَوْلُ الْمُجْتَهِدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>