. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَمِنْهَا: إِذَا أَخْبَرَ أَنَّهُ مُتَطَهِّرٌ، قَبْلَ قَوْلِهِ، وَجَازَ الِائْتِمَامُ بِهِ؛ فَهَذِهِ أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ، قَدْ قُبِلَ قَوْلُهُ فِيهَا وَفِي نَظَائِرِهَا؛ فَلْيُقْبَلْ قَوْلُهُ فِيمَا يَرْوِيهِ بِالْقِيَاسِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ؛ فَهَذِهِ حُجَجُ الْمُجَوِّزِينَ لِقَبُولِ رِوَايَةِ الْمَجْهُولِ.
قَوْلُهُ: «وَأُجِيبَ» ، أَيْ: وَأَجَابَ الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ قَبُولِ خَبَرِ الْمَجْهُولِ عَنْ أَدِلَّةِ الْمُثْبِتِينَ لَهُ أَوَّلَ أَوَّلَ. فَقَالُوا:
أَمَّا قَبُولُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَبَرَ الْأَعْرَابِيِّ فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ؛ فَيَجُوزُ أَنَّهُ عَلِمَ عَدَالَتَهُ، وَالْعِلْمُ بِعَدَالَتِهِ بِوَحْيٍ إِلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ تَزْكِيَةِ خَبِيرٍ بِالْأَعْرَابِيِّ لَهُ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ، وَالْقَضِيَّةُ قَضِيَّةٌ فِي عَيْنٍ، وَقَضَايَا الْأَعْيَانِ تَتَنَزَّلُ عَلَى قَوَاعِدِ الشَّرْعِ، وَقَاعِدَةُ الشَّرْعِ فِي الْأَخْبَارِ أَنْ لَا تُقْبَلَ إِلَّا مِمَّنْ عُرِفَ حَالُهُ. وَلَوْ بَلَغَنَا عَنْ بَعْضِ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ قَبِلَ شَهَادَةَ فُلَانٍ. نَزَّلْنَا ذَلِكَ عَلَى أَنَّ عَدَالَتَهُ ثَبَتَتْ عِنْدَهُ، لِمَا اسْتَقَرَّ مِنْ قَاعِدَةِ الشَّهَادَةِ فِي ذَلِكَ؛ فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْلَى بِنِسْبَةِ الِاحْتِيَاطِ إِلَيْهِ فِي الدِّينِ.
وَأَمَّا الصَّحَابَةُ؛ فَإِنَّمَا قَبِلُوا خَبَرَ مَنْ عَلِمُوا عَدَالَتَهُ مِنَ الْأَعْرَابِ وَالنِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ، كَأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَزْوَاجِهِ وَمَوَالِيهِ، وَحَيْثُ جُهِلَتْ، رَدُّوهَا، لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَنْزِيلِ قَضَايَا الْأَعْيَانِ عَلَى قَوَاعِدِ الشَّرْعِ، وَذَلِكَ الظَّنُّ بِالصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنْ يَحْتَاطُوا فِي الدِّينِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute