للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الْعَدَدِ فِيهِمَا، وَجَبَ الْقَوْلُ فِيمَا يَحْصُلُ بِهِ التَّعْدِيلُ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ:

أَحَدُهَا: صَرِيحُ الْقَوْلِ وَتَمَامُهُ، أَيْ: تَمَامُ الْقَوْلِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ التَّعْدِيلُ، أَنْ يَقُولَ الْمُعَدِّلُ: هُوَ عَدْلٌ رِضًى، مَعَ بَيَانِ السَّبَبِ، أَيْ: يُبَيِّنُ سَبَبَ الْعَدَالَةِ، مَعَ قَوْلِهِ: هُوَ عَدْلٌ رِضًى، بِأَنْ يُثْنِيَ عَلَيْهِ بِمَحَاسِنِ مَا يَعْلَمُ مِنْهُ، مِمَّا يَنْبَغِي شَرْعًا، مِنْ أَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ، وَاجْتِنَابِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَاسْتِعْمَالِ وَظَائِفِ الْمُرُوءَةِ.

الثَّانِي: مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ التَّعْدِيلُ الْحُكْمُ بِرِوَايَتِهِ، وَهُوَ أَقْوَى مِنَ التَّعْدِيلِ الْقَوْلِيِّ، أَيْ: مِنَ التَّعْدِيلِ بِالْقَوْلِ بِقَوْلِهِ: هُوَ عَدْلٌ رِضًى؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَوْلٌ مُجَرَّدٌ، وَالْحُكْمُ بِرِوَايَتِهِ فِعْلٌ تَضَمَّنَ الْقَوْلَ، أَوِ اسْتَلْزَمَهُ، إِذْ تَعْدِيلُهُ الْقَوْلِيُّ تَقْدِيرًا، مِنْ لَوَازِمِ الْحُكْمِ بِرِوَايَتِهِ، وَإِلَّا كَانَ هَذَا الْحَاكِمُ حَاكِمًا بِالْبَاطِلِ. وَفِي كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ هَهُنَا تَنَاقُضٌ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ طُرُقَ التَّعْدِيلِ، وَقَالَ: أَعْلَاهَا صَرِيحُ الْقَوْلِ. ثُمَّ قَالَ: وَالْحُكْمُ بِشَهَادَتِهِ أَقْوَى مِنْ تَزْكِيَتِهِ بِالْقَوْلِ، وَعِبَارَةُ «الْمُخْتَصَرِ» بَرِيئَةٌ مِنْ هَذَا التَّنَاقُضِ.

قَوْلُهُ: «وَلَيْسَ تَرْكُ الْحُكْمِ بِهَا جَرْحًا» ، أَيِ: الْحُكْمُ بِرِوَايَةِ الرَّاوِي تَعْدِيلٌ لَهُ، لِمَا ذَكَرْنَا، وَتَرْكُ الْحُكْمِ بِهَا لَيْسَ جَرْحًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُتَوَقَّفُ فِي الْحُكْمِ بِهَا، لِسَبَبٍ غَيْرِ الْجَرْحِ، مِثْلَ أَنْ يَتَرَدَّدَ، هَلْ هُوَ عَدَوٌ مُتَّهَمٌ لِعَدَاوَتِهِ، أَوْ قَرِيبٌ مُتَّهَمٌ لِقَرَابَتِهِ، أَوْ يَكُونُ الْحَاكِمُ مِمَّنْ لَا يَرَى قَبُولَ خَبَرِ الْوَاحِدِ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ، مِثْلَ أَنْ يَكُونَ حَنَفِيًّا، وَالْخَبَرُ فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، أَوْ كَانَ مَالِكِيًّا وَالْخَبَرُ عَلَى خِلَافِ قِيَاسِ الْأُصُولِ، وَنَحْوِ

<<  <  ج: ص:  >  >>