. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ذَلِكَ، وَأَيْضًا كَمَا أَنَّ مُخَالَفَةَ الرَّاوِي لِمَا رَوَاهُ لَا تَقْدَحُ فِي صِحَّةِ الْخَبَرِ؛ فَكَذَلِكَ تَرْكُ الْحُكْمِ بِالرِّوَايَةِ لَا يَقْدَحُ فِي الرَّاوِي.
الثَّالِثُ: مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ التَّعْدِيلُ الْعَمَلُ بِخَبَرِ الرَّاوِي، بِشَرْطِ أَنْ يُعْلَمَ أَنْ لَا مُسْتَنَدَ لِلْعَمَلِ غَيْرُ رِوَايَتِهِ، وَإِلَّا فَلَا.
أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ لَا مُسْتَنَدَ لِلْعَمَلِ إِلَّا رِوَايَتُهُ، لَمْ يَكُنْ تَعْدِيلًا؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ عَمِلَ بِدَلِيلٍ آخَرَ، وَافَقَ رِوَايَةَ الرَّاوِي، وَكَانَتْ هِيَ زَائِدَةً، لَا حَاجَةَ إِلَيْهَا، وَلَا مُعَوَّلَ عَلَيْهَا.
وَقَدِ اصْطَلَحَ قُضَاةُ الْعَصْرِ وَغَيْرُهُمْ، عَلَى أَنَّهُ إِذَا شَهِدَ عِنْدَ أَحَدِهِمْ مَنْ لَا يَثِقُ بِشَهَادَتِهِ، وَلَا يُمْكِنُهُ التَّصْرِيحُ بِرَدِّهَا، يَطْلُبُ زِيَادَةَ شُهُودٍ، حَتَّى تَكْمُلَ الْبَيِّنَةُ بِغَيْرِ ذَلِكَ الشَّاهِدِ، وَيَحْكُمُ بِهَا، مُوهِمًا لِذَلِكَ الشَّاهِدِ أَنَّهُ حَكَمَ بِشَهَادَتِهِ، جَمْعًا بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ: مَصْلَحَةِ الِاسْتِيثَاقِ لِلْحُكْمِ، وَعَدَمِ تَنْفِيرِ هَذَا الشَّاهِدِ بِرَدِّ شَهَادَتِهِ.
قَوْلُهُ: «وَإِلَّا لِفِسْقِ الْعَامِلِ» ، أَيِ: الْعَمَلُ بِخَبَرِ الرَّاوِي تَعْدِيلٌ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ عَدَالَتِهِ عِنْدَ الْعَامِلِ، إِذْ لَوْ لَمْ يَدُلَّ عَلَى ثُبُوتِ عَدَالَتِهِ عِنْدَهُ لَجَازَ أَنْ يَكُونَ قَدْ عَمِلَ بِخَبَرِهِ بِدُونِ ثُبُوتِ عَدَالَتِهِ عِنْدَهُ، وَلَوْ عَمِلَ بِخَبَرِهِ بِدُونِ ثُبُوتِ عَدَالَتِهِ عِنْدَهُ لَفُسِّقَ الْعَامِلُ بِهَذَا الْخَبَرِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ عَامِلًا بِخَبَرِ غَيْرِ الْعَدْلِ، وَالْعَمَلُ بِخَبَرِ غَيْرِ الْعَدْلِ فِسْقٌ؛ لِأَنَّهُ تَلْبِيسٌ وَغَرَرٌ فِي الدِّينِ، وَغِشٌّ لِلْمُسْلِمِينَ، إِذْ يُوهِمُهُمْ بِعَمَلِهِ بِخَبَرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute