للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ثَلَاثَةُ احْتِمَالَاتٍ، وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ احْتِمَالَانِ، وَهُمَا قَائِمَانِ فِي قَوْلِهِ: أُمِرْنَا أَوْ نُهِينَا، وَيَزِيدُ عَلَى مَا سَبَقَهُ مِنَ الْمَرَاتِبِ بِاحْتِمَالِ أَنَّ الْآمِرَ غَيْرُ الرَّسُولِ؛ لِأَنَّ الْفَاعِلَ فِي قَوْلِهِ: أُمِرْنَا غَيْرُ مُسَمًّى، «فَرَدَّهُ قَوْمٌ» وَهُوَ الْكَرْخِيُّ وَجَمَاعَةٌ، أَيْ: مَنَعُوا إِضَافَةَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «لِذَلِكَ» أَيْ: لِعَدَمِ تَسْمِيَةِ الْفَاعِلِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ قَطْعًا؛ فَلَا يُضَافُ إِلَى الرَّسُولِ بِالِاحْتِمَالِ «وَالْأَظْهَرُ قَبُولُهُ» ، وَإِضَافَتُهُ إِلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ؛ لِأَنَّ مُرَادَ الصَّحَابِيِّ إِنَّمَا هُوَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، أَيْ: بِقَوْلِهِ: أُمِرْنَا؛ فَيَجِبُ حَمْلُهُ، أَيْ: حَمْلُ الْأَمْرِ، عَلَى صُدُورِهِ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِقَوْلِهِ، وَهُوَ الرَّسُولُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، إِذْ غَيْرُهُ لَا حُجَّةَ فِي أَمْرِهِ، وَلِأَنَّ الْعُرْفَ، أَنَّ الْمَرْءُوسَ إِذَا قَالَ: أُمِرْنَا أَوْ نُهِينَا، أَنَّهُ يُرِيدُ رَئِيسَهُ بِذَلِكَ.

قَوْلُهُ: «لَكِنَّهُ» ، أَيْ: لَكِنَّ قَوْلَهُ: أُمِرْنَا، «يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ أَمْرَ اللَّهِ» ، أَيْ: أَنَّ اللَّهَ أَمَرَنَا بِكَذَا، «بِنَاءً عَلَى تَأْوِيلِ» آيَةٍ أَوْ حَدِيثٍ «أَخْطَأَ الصَّحَابِيُّ فِيهِ» ، أَيْ: فِي التَّأْوِيلِ «فِي نَفْسِ الْأَمْرِ» .

وَمِثَالُ هَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، حِينَ صَامَ بِالْمَدِينَةِ رَمَضَانَ، بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ لَيْلَةَ السَّبْتِ، وَصَامَ مُعَاوِيَةُ بِالشَّامِ، بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ؛ فَقِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَمَا تَرْضَى بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ؟ فَقَالَ: لَا إِنَّمَا رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ؛ فَلَا نَزَالُ نَصُومُ حَتَّى نُكْمِلَ ثَلَاثِينَ، هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ؛ بِنَاءً

<<  <  ج: ص:  >  >>