. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ أَوْ وُجُوبِهِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَهُ فِي مَعْرِضِ الِاحْتِجَاجِ؛ يَقْتَضِي أَنَّهُ بَلَغَ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَأَقَرَّ عَلَيْهِ، وَإِقْرَارُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حُجَّةٌ كَمَا سَبَقَ.
قَوْلُهُ: «وَإِلَّا لَمْ يُفِدْ» ، أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُضَفْ قَوْلُهُ: كُنَّا نَفْعَلُ وَكَانُوا يَفْعَلُونَ، إِلَى عَهْدِ النُّبُوَّةِ، لَمْ يُفِدْ أَنَّهُ حَجَّةٌ، إِذِ الْحُجَّةُ فِي إِقْرَارِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي غَيْرِ عَهْدِهِ؛ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ رَأْيٌ رَآهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ؛ فَحَكَاهُ هَذَا الرَّاوِي عَنْهُمْ، وَلَفْظُهُ - وَإِنْ كَانَ يَقْتَضِي اتِّفَاقَ جَمِيعِهِمْ عَلَيْهِ - غَيْرَ أَنَّهُ غَيْرُ قَاطِعٌ فِيهِ، بَلْ هُوَ مَظْنُونٌ؛ فَلِذَلِكَ سَاغَ خِلَافُهُ.
قَوْلُهُ: «ثُمَّ قَوْلُهُ: كَانُوا يَفْعَلُونَ» ، إِلَى آخِرِهِ. لَيْسَتْ هَذِهِ رُتْبَةٌ سَادِسَةٌ لِلَفْظِ الرَّاوِي؛ لِأَنَّهَا قَدْ ذُكِرَتْ فِي الرُّتْبَةِ الْخَامِسَةِ الَّتِي تَكَلَّمْنَا فِيهَا آنِفًا، بَلْ هُوَ كَلَامٌ عَلَى هَذِهِ الصِّيغَةِ، مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا هَلْ تُفِيدُ الْإِجْمَاعَ أَمْ لَا؟
وَالْكَلَامُ عَلَيْهَا أَوَّلًا مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا حُجَّةٌ أَمْ لَا؟ وَالْحُجَّةُ أَعَمُّ مِنَ الْإِجْمَاعِ.
فَالتَّقْدِيرُ أَنَّ قَوْلَ الرَّاوِي: كَانُوا يَفْعَلُونَ، إِنْ أُضِيفَ إِلَى عَهْدِ النُّبُوَّةِ؛ فَهُوَ حُجَّةٌ إِقْرَارِيَّةٌ، وَإِنْ لَمْ يُضَفْ إِلَى عَهْدِ النُّبُوَّةِ؛ فَلَيْسَ حُجَّةً إِقْرَارِيَّةً.
وَهَلْ يَكُونُ حُجَّةً إِجْمَاعِيَّةً؟ فِيهِ خِلَافٌ. فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: كَانُوا يَفْعَلُونَ «لَا يُفِيدُ الْإِجْمَاعَ عِنْدَ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ» ، أَيْ: لَا يُفِيدُ إِضَافَةَ الْفِعْلِ الْمَحْكِيِّ إِلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ مِنْ ذَلِكَ الْعَصْرِ، مَا لَمْ يُصَرَّحْ بِنَقْلِ الْإِجْمَاعِ عَنْ أَهْلِهِ، وَهُمْ أَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ، «وَهُوَ نَقْلٌ لَهُ» ، أَيْ: هَذَا اللَّفْظُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: كَانُوا يَفْعَلُونَ نَقْلٌ لِلْإِجْمَاعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute