للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ابْنِ خَدِيجٍ، أَنَا وَاللَّهِ أَعْلَمُ بِالْحَدِيثِ مِنْهُ - يَعْنِي حَدِيثَ الْمُزَارَعَةِ - إِنَّمَا أَتَاهُ رَجُلَانِ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَقَدِ اقْتَتَلَا؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنْ كَانَ هَذَا شَأْنُكُمْ؛ فَلَا تُكْرُوا الْمَزَارِعَ؛ فَسَمِعَ - يَعْنِي رَافِعًا - قَوْلَهُ: لَا تُكْرُوا الْمَزَارِعَ. يَعْنِي: وَلَمْ يَسْمَعِ الشَّرْطَ.

فَإِنْ عُلِمَ اتِّحَادُ الْمَجْلِسِ، أَيْ: أَنَّ مَجْلِسَ الْحَدِيثِ وَاحِدٌ، وَوَقَعَتِ الزِّيَادَةُ فِيهِ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ، قُدِّمَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ، سَوَاءٌ كَانُوا رُوَاةَ الزِّيَادَةِ أَوْ غَيْرَهُمْ، تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْكَثْرَةِ؛ لِأَنَّ الْخَطَأَ عَنْهَا أَبْعَدُ، فَإِنِ اسْتَوَوْا فِي الْكَثْرَةِ - أَعْنِيَ رُوَاةَ الزَّائِدِ وَالنَّاقِصِ - قُدِّمَ الْأَحْفَظُ وَالْأَضْبَطُ؛ لِأَنَّ الْحِفْظَ وَالضَّبْطَ مِمَّا يَصْلُحُ التَّرْجِيحُ بِهِمَا، فَإِنِ اسْتَوَوْا فِي الْكَثْرَةِ وَالْحِفْظِ وَالضَّبْطِ، مِثْلَ أَنْ كَانُوا عَشْرَةً؛ فَرَوَى الزِّيَادَةَ مِنْهُمْ خَمْسَةٌ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا الْبَاقُونَ، أَوْ نَفَوْهَا، قُدِّمَ قَوْلُ الْمُثْبِتِ، لِمَا ذَكَرْنَا فِي تَقْدِيمِ الْجَرْحِ عَلَى التَّعْدِيلِ.

وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى: فِيهِ مَعَ التَّسَاوِي رِوَايَتَانِ، أَيْ: إِذَا تَسَاوَوْا فِي الْكَثْرَةِ وَالْحِفْظِ وَالضَّبْطِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الزِّيَادَةِ؛ فَفِيهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُقَدَّمُ قَوْلُ الْمُثْبِتِ، لِإِخْبَارِهِ بِزِيَادَةِ عِلْمٍ.

وَالثَّانِي: قَوْلُ النَّافِي؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزِّيَادَةِ.

قُلْتُ: الزِّيَادَةُ إِمَّا أَنْ تُنَافِي الْمَزِيدَ عَلَيْهِ، أَوْ لَا تُنَافِيهِ، فَإِنْ نَافَتْهُ، احْتِيجَ إِلَى التَّرْجِيحِ، لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ، كَمَا فِي «الصَّحِيحَيْنِ» مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>